عندهما جميعا فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كلوا رزقا أخرجه الله أطعمونا إن كان معكم فأتاه بعضهم بعضو فأكله فتبين لهم أنه حلال مطلقا وبالغ في البيان بأكله منها لأنه لم يكن مضطرا فيستفاد منه إباحة ميتة البحر سواء مات بنفسه أو مات بالاصطياد وهو قول الجمهور وعن الحنفية يكره وفرقوا بين ما لفظه فمات وبين ما مات فيه من غير آفة وتمسكوا بحديث أبى الزبير عن جابر ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه أخرجه أبو داود مرفوعا من رواية يحيى بن سليم الطائفي عن أبي الزبير عن جابر ثم قال رواه الثوري وأيوب وغيرهما عن أبي الزبير هذا الحديث موقوفا وقد أسند من وجه ضعيف عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا وقال الترمذي سألت البخاري عنه فقال ليس بمحفوظ ويروى عن جابر خلافه اه ويحيى بن سليم صدوق وصفوه بسوء الحفظ وقال النسائي ليس بالقوى وقال يعقوب بن سفيان إذا حدث من كتابه فحديثه حسن وإذا حدث حفظا يعرف وينكر وقال أبو حازم لم يكن بالحافظ وقال ابن حبان في الثقات كان يخطئ وقد توبع على رفعه وأخرجه الدارقطني من رواية أبى أحمد الزبيري عن الثوري مرفوعا لكن قال خالفه وكيع وغيره فوقفوه عن الثوري وهو الصواب وروى عن ابن أبي ذئب وإسماعيل بن أمية مرفوعا ولا يصح والصحيح موقوف وإذا لم يصح الا موقوفا فقد عارضه قول أبى بكر وغيره والقياس يقتضى حله لأنه سمك لو مات في البر لاكل بغير تذكية ولو نضب عنه الماء أو قتلته سمكة أخرى فمات لاكل فكذلك إذا مات وهو في البحر ويستفاد من قوله أكلنا منه نصف شهر جواز أكل اللحم ولو أنتن لان النبي صلى الله عليه وسلم قد أكل منه بعد ذلك واللحم لا يبقى غالبا بلا نتن في هذه المدة لا سيما في الحجاز مع شدة الحر لكن يحتمل أن يكونوا ملحوه وقدوه فلم يدخله نتن وقد تقدم قريبا قول النووي ان النهى عن أكل اللحم إذا أنتن للتنزيه الا ان خيف منه الضرر فيحرم وهذا الجواب على مذهبه ولكن المالكية حملوه على التحريم مطلقا وهو الظاهر والله أعلم ويأتي في الطافي نظير ما قاله في النتن إذا خشى منه الضرر وفيه جواز أكل حيوان البحر مطلقا لأنه لم يكن عند الصحابة نص يخص العنبر وقد أكلوا منه كذا قال بعضهم ويخدش فيه أنهم أولا انما أقدموا عليه بطريق الاضطرار ويجاب بأنهم أقدموا عليه مطلقا من حيث كونه صيد البحر ثم توقفوا من حيث كونه ميتة فدل على إباحة الاقدام على أكل ما صيد من البحر وبين لهم الشارع آخرا أن ميتته أيضا حلال ولم يفرق بين طاف ولا غيره واحتج بعض المالكية بأنهم أقاموا يأكلون منها أياما فلو كانوا أكلوا منه على أنه ميتة بطريق الاضطرار ما داوموا عليه لان المضطر إذا أكل الميتة يأكل منها بحسب الحاجة ثم ينتقل لطلب المباح غيرها وجمع بعض العلماء بين مختلف الاخبار في ذلك بحمل النهى على كراهة التنزيه وما عدا ذلك على الجواز ولا خلاف بين العلماء في حل السمك على اختلاف أنواعه وانما اختلف فيما كان على صورة حيوان البر كالآدمي والكلب والخنزير والثعبان فعند الحنفية وهو قول الشافعية يحرم ما عدا السمك واحتجوا عليه بهذا الحديث فان الحوت المذكور لا يسمى سمكا وفيه نظر فان الخبر ورد في الحوت نصا وعن الشافعية الحل مطلقا على الأصح المنصوص وهو مذهب المالكية الا الخنزير في رواية وحجتهم قوله تعالى أحل لكم صيد البحر وحديث هو الطهور ماؤه الجل
(٥٣٣)