ابن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل أكل بخمس فيجمع بينه وبين حديث كعب باختلاف الحال (قوله حتى يلعقها) بفتح أوله من الثلاثي أي يلعقها هو (أو يلعقها) بضم أوله من الرباعي أي يلعقها غيره قال النووي المراد العاق غيره ممن لا يتقذر ذلك من زوجة وجارية وخادم وولد وكذا من كان في معناهم كتلميذ يعتقد البركة بلعقها وكذا لو ألعقها شاة ونحوها وقال البيهقي ان قوله أو شك من الراوي ثم قال فان كانا جميعا محفوظين فإنما أراد أن يلعقها صغيرا أو من يعلم أنه لا يتقذر بها ويحتمل أن يكون أراد أن يلعق إصبعه فمه فيكون بمعنى يلعقها يعنى فتكون أو للشك قال ابن دقيق العيد جاءت علة هذا مبينة في بعض الروايات فإنه لا يدرى في أي طعامه البركة وقد يعلل بان مسحها قبل ذلك فيه زيادة تلويث لما يمسح به مع الاستغناء عنه بالريق لكن إذا صح الحديث بالتعليل لم يعدل عنه (قلت) الحديث صحيح أخرجه مسلم في آخر حديث جابر ولفظه من حديث جابر إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما أصابها من أذى وليأكلها ولا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها فإنه لا يدرى في أي طعامه البركة زاد فيه النسائي من هذا الوجه ولا يرفع الصحفة حتى يلعقها أو يلعقها ولأحمد من حديث ابن عمر نحوه بسند صحيح وللطبراني من حديث أبي سعيد نحوه بلفظ فإنه لا يدرى في أي طعامه يبارك له ولمسلم نحوه من حديث أنس ومن حديث أبي هريرة أيضا والعلة المذكورة لا تمنع ما ذكره الشيخ فقد يكون للحكم علتان فأكثر والتنصيص على واحدة لا ينفى غيرها وقد أبدى عياض علة أخرى فقال انما أمر بذلك لئلا يتهاون بقليل الطعام قال النووي معنى قوله في أي طعامه البركة ان الطعام الذي يحضر الانسان فيه بركة لا يدرى أن تلك البركة فيما أكل أو فيما بقى على أصابعه أو فيما بقى في أسفل القصعة أو في اللقمة الساقطة فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصيل البركة اه وقد وقع لمسلم في رواية أبي سفيان عن جابر في أول الحديث ان الشيطان يحضر أحدكم عند كل شئ من شأنه حتى يحضره عند طعامه فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان وله نحوه في حديث أنس وزاد وأمر بأن تسلت القصعة قال الخطابي السلت تتبع ما بقى فيها من الطعام قال النووي والمراد بالبركة ما تحصل به التغذية وتسلم عاقبته من الأذى ويقوى على الطاعة والعلم عند الله وفى الحديث رد على من كره لعق الأصابع استقذارا نعم يحصل ذلك لو فعله في أثناء الاكل لأنه يعيد أصابعه في الطعام وعليها أثر ريقه قال الخطابي عاب قوم أفسد عقلهم الترفه فزعموا أن لعق الأصابع مستقبح كأنهم لم يعلموا أن الطعام الذي علق بأصابع أو الصحفة جزء من أجزاء ما أكلوه وإذا لم يكن سائر أجزائه مستقذرا لم يكن الجزء اليسير منه مستقذرا وليس في ذلك أكبر من مصه أصابعه بباطن شفتيه ولا يشك عاقل في أن لا بأس بذلك فقد يمضمض الانسان فيدخل إصبعه في فيه فيدلك أسنانه وباطن فمه ثم لم يقل أحد أن ذلك قذارة أو سوء أدب وفيه استحباب مسح اليد بعد الطعام قال عياض محله فيما لم يحتج فيه إلى الغسل مما ليس فيه غمر ولزوجة مما لا يذهبه الا الغسل لما جاء في الحديث من الترغيب في غسله والحذر من تركه كذا قال وحديث الباب يقتضى منع الغسل والمسح بغير لعق لأنه صريح في الامر باللعق دونهما تحصيلا للبركة نعم قد يتعين الندب إلى الغسل بعد اللعق لإزالة الرائحة وعليه يحمل الحديث الذي أشار إليه وقد أخرجه أبو داود بسند صحيح على شرط مسلم عن أبي
(٥٠٠)