متصفين بصفة ثم طرأ عليهم من لم يكن معهم حينئذ أنه لا يدخل في عموم الدعوة وان قال قوم انه يدخل في الهدية كما تقدم أن جلساء المرء شركاؤه فيما يهدى إليه وأن من تطفل في الدعوة كان لصاحب الدعوة الاختيار في حرمانه فان دخل بغير اذنه كان له اخراجه وأن من قصد التطفيل لم يمنع ابتداء لان الرجل تبع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرده لاحتمال أن تطيب نفس صاحب الدعوة بالاذن له وينبغي أن يكون هذا الحديث أصلا في جواز التطفيل لكن يقيد بمن احتاج إليه وقد جمع الخطيب في اخبار الطفيليين جزءا فيه عدة فوائد منها أن الطفيلي منسوب إلى رجل كان يقال له طفيل من بنى عبد الله بن غطفان كثر منه الاتيان إلى الولائم بغير دعوة فسمى طفيل العرائس فسمى من اتصف بعد بصفته طفيليا وكانت العرب تسميه الوارش بشين معجمة وتقول لمن يتبع المدعو بغير دعوة ضيفن بنون زائدة قال الكرماني في هذه التسمية مناسبة اللفظ للمعنى في التبعية من حيث إنه تابع للضيف والنون تابعة للكلمة واستدل به على منع استتباع المدعو غيره الا إذا علم من الداعي الرضا بذلك وأن الطفيلي يأكل حراما ولنصر ابن علي الجهضمي في ذلك قصة جرت له مع طفيلي واحتج نصر بحديث ابن عمر رفعه من دخل بغير دعوة دخل سارقا وخرج مغيرا وهو حديث ضعيف أخرجه أبو داود واحتج عليه الطفيلي بأشياء يؤخذ منها تقييد المنع بمن لا يحتاج إلى ذلك ممن يتطفل وبمن يتكره صاحب الطعام الدخول إليه اما لقلة الشئ أو استثقال الداخل وهو يوافق قول الشافعية لا يجوز التطفيل الا لمن كان بينه وبين صاحب الدار انبساط وفيه أن المدعو لا يمتنع من الإجابة إذا امتنع الداعي من الاذن لبعض من صحبه وأما ما أخرجه مسلم من حديث أنس أن فارسيا كان طيب المرق صنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما ثم دعاه فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهذه لعائشة قال لا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا فيجاب عنه بأن الدعوة لم تكن لوليمة وانما صنع الفارسي طعاما بقدر ما يكفي الواحد فخشى ان أذن لعائشة أن لا يكفي النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون الفرق أن عائشة كانت حاضرة عند الدعوة بخلاف الرجل وأيضا فالمستحب للداعي أن يدعو خواص المدعو معه كما فعل اللحام بخلاف الفارسي فلذلك امتنع من الإجابة الا أن يدعوها أو علم حاجة عائشة لذلك الطعام بعينه أو أحب أن تأكل معه منه لأنه كان موصوفا بالجودة ولم يعلم مثله في قصة اللحام وأما قصة أبى طلحة حيث دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى العصيدة كما تقدم في علامات النبوة فقال لمن معه قوموا فأجاب عنه المازري أنه يحتمل أن يكون علم رضا أبى طلحة فلم يستأذنه ولم يعلم رضا أبى شعيب فاستأذنه ولان الذي أكله القوم عند أبي طلحة كان مما خرق الله فيه العادة لنبيه صلى الله عليه وسلم فكان جل ما أكلوه من البركة التي لا صنيع لأبي طلحة فيها فلم يفتقر إلى استئذانه أو لأنه لم يكن بينه وبين القصاب من المودة ما بينه وبين أبى طلحة أو لان أبا طلحة صنع الطعام للنبي صلى الله عليه وسلم فتصرف فيه كيف أراد وأبو شعيب صنعه له ولنفسه ولذلك حدد بعدد معين ليكون ما يفضل عنهم له ولعياله مثلا واطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فاستأذنه لذلك لأنه أخبر بما يصلح نفسه وعياله وفيه أنه ينبغي لمن استؤذن في مثل ذلك أن يأذن للطارئ كما فعل أبو شعيب وذلك من مكارم الأخلاق ولعله سمع الحديث الماضي طعام الواحد يكفي الاثنين أو رجا أن يعم الزائد بركة النبي صلى الله
(٤٨٦)