ابن حجر وحديثه عند الترمذي وأصله عند مسلم وأحال به على رواية أبى أسامة عن هشام وفيه أنه كان عبدا قال الدارقطني وكذا قال أبو معاوية عن هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه (قلت) ورواه شعبة عن عبد الرحمن فقال كان حرا ثم رجع عبد الرحمن فقال ما أدرى وقد تقدم في العتق قال الدارقطني وقال عمران بن حدير عن عكرمة عن عائشة كان حرا وهو وهم (قلت) في شيئين في قوله حر وفى قوله عن عائشة وانما هو من رواية عكرمة عن ابن عباس ولم يختلف على ابن عباس في أنه كان عبدا وكذا جزم به الترمذي عن ابن عمر وحديثه عند الشافعي والدارقطني وغيرهما وكذا أخرجه النسائي من حديث صفية بنت أبي عبيد قالت كان زوج بريرة عبدا وسنده صحيح وقال النووي يؤيد قول من قال إنه كان عبدا قول عائشة كان عبدا ولو كان حرا لم يخبرها فأخبرت وهى صاحبة القصة بأنه كان عبدا ثم عللت بقولها ولو كان حرا لم يخيرها ومثل هذا لا يكاد أحد يقوله الا توقيفا وتعقب بأن هذه الزيادة في رواية جرير عن هشام بن عروة في آخر الحديث وهى مدرجة من قول عروة بين ذلك في رواية مالك وأبى داود والنسائي نعم وقع في رواية أسامة بن زيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت كانت بريرة مكاتب لأناس من الأنصار وكانت تحت عبد الحديث أخرجه أحمد وابن ماجة والبيهقي وأسامة فيه مقال وأما دعوى أن ذلك لا يقال الا بتوقيف فمردودة فان للاجتهاد فيه مجالا وقد تقدم قريبا توجيهه من حيث النظر أيضا قال الدارقطني وقال إبراهيم عن الأسود عن عائشة كان حرا (قلت) وأصرح ما رأيته في ذلك رواية أبى معاوية حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كان زوج بريرة حرا فلما عتقت خيرت الحديث أخرجه أحمد عنه وأخرج ابن أبي شيبة عن إدريس عن الأعمش بهذا السند عن عائشة قالت كان زوج بريرة حرا ومن وجه آخر عن النخعي عن الأسود أن عائشة حدثته أن زوج بريرة كان حرا حين أعتقت فدلت الروايات المفصلة التي قدمتها آنفا على أنه مدرج من قول الأسود أو من دونه فيكون من أمثلة ما أدرج في أول الخبر وهو نادر فان الأكثر أن يكون في آخره ودونه أن يقع في وسطه وعلى تقدير أن يكون موصولا فترجح رواية من قال كان عبدا بالكثرة وأيضا فآل المرء أعرف بحديثه فان القاسم ابن أخي عائشة وعروة بن أختها وتابعهما غيرهما فروايتهما أولى من رواية الأسود فإنهما أقعد بعائشة وأعلم بحديثها والله أعلم ويترجح أيضا بأن عائشة كانت تذهب إلى أن الأمة إذا عتقت تحت الحر لا خيار لها وهذا بخلاف ما روى العراقيون عنها فكان يلزم على أصل مذهبهم أن يأخذوا بقولها ويدعوا ما روى عنها لا سيما وقد اختلف عنها فيه وادعى بعضهم أنه يمكن الجمع بين الروايتين بحمل قول من قال كان عبدا على اعتبار ما كان عليه ثم أعتق فلذلك قال من قال كان حرا ويرد هذا الجمع ما تقدم من قول عروة كان عبدا ولو كان حرا لم تخير وأخرجه الترمذي بلفظ ان زوج بريرة كان عبدا أسود يوم أعتقت فهذا يعارض الرواية المتقدمة عن الأسود ويعارض الاحتمال المذكور احتمال أن يكون من قال كان حرا أراد ما آل إليه أمره وإذا تعارضا اسنادا واحتمالا احتيج إلى الترجيح ورواية الأكثر يرجح بها وكذلك الأحفظ وكذلك الألزم وكل ذلك موجود في جانب من قال كان عبدا وفى قصة بريرة من الفوائد وقد تقدم بعضها في المساجد وفى الزكاة والكثير منها في العتق جواز المكاتبة بالسنة
(٣٦١)