الطلاق قد يكون حراما أو مكروها أو واجبا أو مندوبا أو جائزا أما الأول ففيما إذا كان بدعيا وله صور وأما الثاني ففيما إذا وقع بغير سبب مع استقامة الحال وأما الثالث ففي صور منها الشقاق إذا رأى ذلك الحكمان وأما الرابع ففيما إذا كانت غير عفيفة وأما الخامس فنفاه النووي وصوره غيره بما إذا كان لا يريدها ولا تطيب نفسه أن يتحمل مؤنتها من غير حصول غرض الاستمتاع فقد صرح الامام أن الطلاق في هذه الصورة لا يكره (قوله وقول الله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة) أما قوله تعالى إذ طلقتم النساء فخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الجمع تعظيما أو على إرادة ضم أمته إليه والتقدير يا أيها النبي وأمته وقيل هو على اضمار قل أي قل لامتك والثاني أليق فخص النبي عليه الصلاة والسلام بالنداء لأنه امام أمته اعتبارا بتقدمه وعم بالخطاب كما يقال لأمير القوم يا فلان افعلوا كذا وقوله إذا طلقتم أي إذا أردتم التطليق جزما ولا يمكن حمله على ظاهره وقوله لعدتهن أي عند ابتداء شروعهن في العدة واللام للتوقيت كما يقال لقيته لليلة بقيت من الشهر قال مجاهد في قوله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن قال ابن عباس في قبل عدتهن أخرجه الطبري بسند صحيح ومن وجه آخر أنه قرأها كذلك وكذا وقع عند مسلم من رواية أبى الزبير عن ابن عمر في آخر حديثه قال ابن عمر وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن ونقلت هذه القراءة أيضا عن أبي وعثمان وجابر وعلي بن الحسين وغيرهم وسيأتى في حديث ابن عمر في الباب مزيد بيان في ذلك (قوله أحصيناه حفظناه) هو تفسير أبى عبيدة وأخرج الطبري معناه عن السدى والمراد الامر بحفظ ابتداء وقت العدة لئلا يلتبس الامر بطول العدة فتتأذى بذلك المرأة (قوله وطلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع) روى الطبري بسند صحيح عن ابن مسعود في قوله تعالى فطلقوهن لعدتهن قال في الطهر من غير جماع وأخرجه عن جمع من الصحابة ومن بعدهم كذلك وهو عند الترمذي أيضا (قوله ويشهد شاهدين) مأخوذ من قوله تعالى وأشهدوا ذوي عدل منكم وهو واضح وكأنه لمح بما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس قال كان نفر من المهاجرين يطلقون لغير عدة ويراجعون بغير شهود فنزلت وقد قسم الفقهاء الطلاق إلى سنى وبدعى والى قسم ثالث لا وصف له فالأول ما تقدم والثاني أن يطلق في الحيض أو في طهر جامعها فيه ولم يتبين أمرها أحملت أم لا ومنهم من أضاف له أن يزيد على طلقة ومنهم من أضاف له الخلع والثالث تطليق الصغيرة والآيسة والحامل التي قربت ولادتها وكذا إذا وقع السؤال منها في وجه بشرط أن تكون عالمة بالامر وكذا إذا وقع الخلع بسؤالها وقلنا انه طلاق ويستثنى من تحريم طلاق الحائض صور منها ما لو كانت حاملا ورأت الدم وقلنا الحامل تحيض فلا يكون طلاقها بدعيا ولا سيما ان وقع بقرب الولادة ومنها إذا طلق الحاكم على المولى واتفق وقوع ذلك في الحيض وكذا في صورة الحكمين إذا تعين ذلك طريقا لرفع الشقاق وكذلك الخلع والله أعلم (قوله أنه طلق امرأته) في مسلم من رواية الليث عن نافع أن ابن عمر طلق امرأة له وعنده من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر طلقت امرأتي وكذا في رواية شعبة عن أنس ابن سيرين عن ابن عمر قال النووي في تهذيبه اسمها آمنة بنت غفار قاله ابن باطيش ونقله عن النووي جماعة ممن بعده منهم الذهبي في تجريد الصحابة لكن قال في مبهماته فكأنه أراد مبهمات
(٣٠١)