والاغضاء عن خطابهن والصفح عما يقع منهن من زلل في حق المرء دون ما يكون من حق الله تعالى وفيه جواز اتخاذ الحاكم عند الخلوة بوابا بمنع من يدخل إليه بغير اذنه ويكون قول أنس الماضي في كتاب الجنائز في المرأة التي وعظها النبي صلى الله عليه وسلم فلم تعرفه ثم جاءت إليه فلم تجد له بوابين محمولا على الأوقات التي يجلس فيها للناس قال المهلب وفيه ان للامام أن يحتجب عن بطانته وخاصته عند الامر يطرقه من جهة أهله حتى يذهب غيظه ويخرج إلى الناس وهو منبسط إليهم فان الكبير إذا احتجب لم يحسن الدخول إليه بغير اذن ولو كان الذي يريد أن يدخل جليل القدر عظيم المنزلة عنده وفيه الرفق بالأصهار والحياء منهم إذا وقع للرجل من أهله ما يقتضى معاتبتهم وفيه أن السكوت قد يكون أبلغ من الكلام وأفضل في بعض الأحايين لأنه عليه الصلاة والسلام لو أمر غلامه برد عمر لم يجز لعمر العود إلى الاستئذان مرة بعد أخرى فلما سكت فهم عمر من ذلك أنه لم يؤثر رده مطلقا أشار إلى ذلك المهلب وفيه أن الحاجب إذا علم منع الاذن بسكوت المحجوب لم يأذن وفيه مشروعية الاستئذان على الانسان وإن كان وحده لاحتمال أن يكون على حالة يكره الاطلاع عليها وفيه جواز تكرار الاستئذان لمن لم يؤذن له إذا رجا حصول الاذن وأن لا يتجاوز به ثلاث مرات كما سيأتي ايضاحه في كتاب الاستئذان في قصة أبى موسى مع عمر والاستدراك على عمر من هذه القصة لان الذي وقع من الاذن له في المرة الثالثة وقع اتفاقا ولو لم يؤذن له فالذي يظهر أنه كان يعود إلى الاستئذان لأنه صرح كما سيأتي بأنه لم يبلغه ذلك الحكم وفيه ان كل لذة أو شهوة قضاها المرء في الدنيا فهو استعجال له من نعيم الآخرة وأنه لو ترك ذلك لادخر له في الآخرة أشار إلى ذلك الطبري واستنبط منه بعضهم ايثار الفقر على الغنى وخصه الطبري بمن لم يصرفه في وجوهه ويفرقه في سبله التي أمر الله بوضعه فيها قال وأما من فعل ذلك فهو من منازل الامتحان والصبر على المحن مع الشكر أفضل من الصبر على الضراء وحده انتهى قال عياض هذه القصة مما يحتج به من يفضل الفقير على الغنى لما في مفهوم قوله إن من تنعم في الدنيا يفوته في الآخرة بمقداره قال وحاوله الآخرون بأن المراد من الآية أن حظ الكفار هو ما نالوه من نعيم الدنيا إذ لاحظ لهم في الآخرة انتهى وفى الجواب نظر وهى مسئلة اختلف فيها السلف والخلف وهى طويلة الذيل سيكون لنا بها المام إن شاء الله تعالى في كتاب الرقاق وفيه ان المرء إذا رأى صاحبه مهموما استحب له أن يحدثه بما يزيل همه ويطيب نفسه لقول عمر لأقولن شيئا يضحك النبي صلى الله عليه وسلم ويستحب أن يكون ذلك بعد استئذان الكبير في ذلك كما فعل عمر وفيه جواز الاستعانة في الوضوء بالصب على المتوضئ وخدمة الصغير الكبير وإن كان الصغير أشرف نسبا من الكبير وفيه التجمل بالثوب والعمامة عند لقاء الأكابر وفيه تذكير الحالف بيمينه إذا وقع منه ما ظاهره نسيانها لا سيما ممن له تعلق بذلك لان عائشة خشيت أن يكون صلى الله عليه وسلم نسى مقدار ما حلف عليه وهو شهر والشهر ثلاثون يوما أو تسعة وعشرون يوما فلما نزل في تسعة وعشرين ظنت انه ذهل عن القدر أو أن الشهر لم يهل فأعلمها أن الشهر استهل فان الذي كان الحلف وقع فيه جاء تسعا وعشرين يوما وفيه تقوية لقول من قال إن يمينه صلى الله عليه وسلم اتفق أنها كانت في أول الشهر ولهذا اقتصر على تسعة وعشرين والا فلو اتفق ذلك في أثناء الشهر فالجمهور على أنه لا يقع البر الا بثلاثين وذهبت طائفة
(٢٥٦)