لهم من وجوه الاحكام ولا يكن في حكمهم اختلاف فان ذلك ضياع للعدل وعورة في الدين وسبب للفرقة وانما تختلف القضاة لاكتفاء كل امرئ منهم برأيه دون الامام فإذا اختلف قاضيان فليس لهما ان يقيما على اختلافهما في الحكم دون رفع ما اختلفا فيه من ذلك إلى الامام وكل ما اختلف فيه الناس فمردود اليه ولا قوة الا بالله (وفيه مما ينبغي ان ينظر فيه الوالي من امر عماله) انظر في أمور عمالك الذين تستعملهم فليكن استعمالك إياهم اختيارا " ولا يكن محاباة ولا ايثارا " فان الأثرة بالاعمال والمحاباة بها جماع من شعب الجور والخيانة لله وادخال الضرر على الناس وليست تصلح أمور الناس ولا أمور الولاة الا بصلاح من يستعينون به على أمورهم ويختارونه لكفاية ما غاب عنهم فاصطف لولاية اعمالك اهل الورع والفقه (1) والعلم والسياسة (2) والصق بذوي التجربة والعقول والحياء من اهل البيوتات الصالحة وأهل الدين والورع فإنهم أكرم أخلاقا " وأشد لأنفسهم صونا " واصلاحا " وأقل في المطامع إسرافا " وأحسن في عواقب الأمور نظرا " من غيرهم فليكونوا عمالك وأعوانك ولا تستعمل الا شيعتك منهم ثم أسبغ عليهم العمالات (3) وأوسع عليهم الارزاق فان ذلك يزيدهم قوة على استصلاح أنفسهم وغنى عن تناول ما تحت أيديهم وهو مع ذلك حجة لك عليهم في شئ ان خالفوا فيه امرك وتناولوا من أمانتك ثم لا تدع مع ذلك تفقد اعمالهم وبعثة العيون عليهم من اهل الأمانة والصدق فان ذلك يزيدهم جدا " في العمارة ورفقا " في الرعية وكفا " عن الظلم وتحفظا " من الأعوان (4) مع ما للرعية في ذلك من القوة واحذر ان تستعمل اهل التكبر والتجبر والنخوة ومن يحب الاطراء والثناء والذكر ويطلب
(٣٢٢)