انظر إلى التجار وأهل الصناعات فاستوص بهم خيرا " فإنهم مادة للناس ينتفعون بصناعاتهم وبما يجلبون إليهم من منافعهم ومرافقهم في البر والبحر من رؤس الجبال وبلدان مملكة العدو وحيث لا يعرف أكثر الناس مواضع ما يحتاجون اليه من ذلك ولا يطيقون الاتيان به ولا عمل ما يعملونه بأنفسهم فلهم بذلك حق وحرمة يجب حفظهم لها (1) فتفقد أمورهم واكتب إلى عمالك فيهم ثم اعلم مع ذلك أن في كثير منهم شحا " قبيحا " وحرصا " شديدا " واحتكارا " للتربص للغلاء والتضييق على الناس و التحكم عليهم وفى ذلك مضرة عظيمة على الناس وعيب على الولاة فامنعهم من ذلك وتقدم إليهم فيه فمن خالف امرك فخذ (يدك - خ) فوق يده بالعقوبة الموجعة (بدنه - خ) ان شاء الله (وفيه مما ينبغي للوالي ان ينظر فيه من أمور اهل الفقر والمسكنة ولا تضيعن أمور الطائفة الأخرى من المساكين (والفقراء - خ) وذوي الحاجة وان تجعل لهم قسما " من مال الله يقسم فيهم مع الحق المفروض الذي جعل الله لهم في كتابه من الصدقات وافرق ذلك في عملك (2) فليس اهل موضع أحق به من اهل موضع بل لأقصاهم من الحق مثل ما لأدناهم وكل قد استرعيت امره فلا يشغلنك عن تعاهد أمورهم النظر في أمور غيرهم فان لكل منك نصيبا " لا تعذر بتضييعه وتفقد حاجات مساكين الناس وفقرائهم ممن لا تصل إليك حاجته ومن تقتحمه العيون وتحقره الناس عن رفع حاجته إليك وانصب لهم أوثق من عندك في نفسك نصيحة وأعظمهم في الخير خشية وأشدهم لله تواضعا " ممن لا يحتقر الضعفاء ولا يستشرف العظماء ومره فليرفع إليك أمورهم ثم انظر فيها نظرا " حسنا " فان هزيل الرعية أحوج إلى الانصاف والتعاهد من ذوي السمانة وتعاهد اهل الزمانة والبلاء وأهل الضعف واليتم وذوي الستر من اهل الفقر الذين لا ينصبون أنفسهم لمسألة يعتمدون عليها فاجعل
(٣٢٧)