عندك بمنزلة (واحدة - خ) يكونان فيها سواء فان ذلك تزهيد لأهل الاحسان في احسانهم وتدريب (1) لأهل الإساءة في اساءتهم واعلم أنه ليس شئ ادعى لحسن (2) ظن وال برعيته من احسانه إليهم وتخفيفه (3) المؤن عنهم وقلة الاستكراه لهم فليكن لك في ذلك ما يجمع لك حسن الظن برعيتك - فان حسن الظن بهم يقطع عنك هموما " كثيرة وان أحق من حسن ظنك به من حسن بلاؤك عنده من اهل الخير وأحق من ساء ظنك به من ساء بلاؤك عنده فاعرف موضع ذلك ولا تنقض سنة صالحة عمل بها الصالحون قبلك اجتمعت عليها الألفة وصلحت عليها العامة ولا تحدثن سنة تضر بشئ من ماضي سنن العدل التي سنت قبلك فيكون الاجر لمن سنها والوزر عليك بما نقضت منها وأكثر مدارسة العلماء ومناظرة الحكماء في تثبيت سنن العدل على مواضعها واقامتها على ما صلح به الناس فان ذلك يحيى الحق ويميت الباطل ويكتفى دليلا به على ما صلح (4) به الناس لان السنة الصالحة من أسباب الحق التي تعرف بها ودليل أهلها (5) على السبيل إلى طاعة الله فيها.
وفيه معرفة طبقات الناس اعلم أن الناس خمس طبقات لا يصلح بعضها الا ببعض فمنهم الجنود ومنهم أعوان الوالي من القضاة والعمال والكتاب ونحوهم ومنهم اهل الخراج من اهل الأرض وغيرهم ومنهم التجار وذوو الصناعات ومنهم الطبقة السفلى وهم اهل الحاجة والمسكنة فالجنود تحصين الرعية بإذن الله وزين الملك وعز الاسلام وسبب الامن والحفظ ولا قوام للجند الا بما يخرج الله لهم من الخراج والفئ الذين يقوون به على جهاد عدوهم وعليه يعتمدون فيما يصلحهم ومن تلزمهم مؤنته من أهليهم ولا قوام للجند وأهل الخراج الا بالقضاة والعمال والكتاب بما يقومون به من