المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٢٩٣
ما أعطى العبد شح هالع أو جبن خالع "، والهالع: المخيف المفزع والاسم منه الهلع، وهو أشد الجزع (1). وقوله عليه الصلاة والسلام: " أو جبن خالع " مجاز: أي يخلع قلب الجبان، وهذا على المبالغة في وصفه بوهل (2) الروع (3)، ونخب الروع، وليس يبلغ الجبن على الحقيقة إلى أن يخلع قلب الجبان من مناطه، ويزعجه عن قراره، وإنما المراد بذلك ما يعرض في القلب عند الخوف من نوازغ الأفكار (4)، ونوازغ الحذار (5). وعلى ذلك (6) قوله تعالى:
" وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر ". وقد أوضحنا الكلام على ذلك في كتاب (مجازات القرآن) (7).

(1) في القاموس: الهلع أفحش الجزع.
(2) الوهل: الضعف والفزع.
(3) الروع بفتح الراء: الخوف، يقال هدئ من روعك: أي قلل من خوفك، والروع: القلب والنفس، يقال ألقى الله في روعي كذا، أي في قلبي ونفسي. والنخب بفتحتين: الجبن. فالمعنى وصفه بفزع الخوف وجبن النفس أو القلب.
(4) نوازغ الأفكار: أي الأفكار الباطلة، لان النزغ هو الوسوسة والافساد.
(5) الحذار هو الحذر ونوازعه ميوله جمع نازعة، أي الميل إلى الحذر والخوف من الاقدام على الشئ.
(6) وعلى ذلك أي على المبالغة في وصف الخوف.
(7) ما في الحديث من البلاغة:
في الحديث تشبيه بليغ في قوله: جبن خالع، حيث شبه الجبن الشديد بخلع القلب، والمراد جبن شديد كأنه لشدته يخلع القلب من مكانه.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست