لان النشوق ما استنشقه الانسان بأنفه، واللعوق ما لعقه بلسانه، والدسام هاهنا الشئ الذي يجعله سدادا لاذنه، يقال منه: دسمت الشئ أدسمه دسما: إذا سددته. والمراد بهذه الكلمات قريب من المراد بالحديث الذي تقدم كلامنا عليه في هذا الكتاب، وهو استعاذته عليه الصلاة والسلام من همزات الشيطان ونفثه ونفخه. فكأنه عليه الصلاة والسلام شبه ما يسوله الشيطان للانسان من العجب بنفسه، والازراء على غيره حتى يشمخ بأنفه، وينأى بعطفه، بالنشوق الذي ينشقه إياه، فيحدث له هذا الخلق الذميم، والطبع اللئيم، وقوى ذلك بذكر اللعوق، فكأن الشيطان يلعقه بهذا التسويل لعوقا إذا وصل إلى جوفه أحدث له خيلاء الكبر، ومدله في غلواء العجب. وشبه عليه الصلاة والسلام صرف الشيطان للانسان عن مراشده، وإصمامه عن سماع قول مرشده بالدسام، وهو الصمام الذي تسد به الاذن، فتحجب عن سماع الأصوات، وزواجر العظات (1)،
(٢٩٧)