على ذروة (1) كل بعير شيطانا "، وهذا أيضا مجاز، لأنه عليه الصلاة والسلام بالغ بذلك في وصف الإبل بالحران (2) والنفار والاستصعاب واللجاج، فكأنه لافراط نفارها وشماسها (3)، قد امتطت الشياطين ذراها، فهي تؤزها (4) وتجوسها (5). وقيل إن المراد بقوله عليه الصلاة والسلام: لا تقبل إلا مولية المثل الذي يقال فيها: إنها إذا أقبلت أدبرت، وإذا أدبرت أدبرت: أي أن إقبالها إذا كان بمنزلة الادبار، فإدبارها إذا غاية الادبار. وقوله عليه الصلاة والسلام: " ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم ". يريد أنها لا تحلب ولا تركب إلا من جهات شمائلها، ويقال لليد الشمال:
الشؤمي. ومنه قوله تعالى: " وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة " يريد أصحاب الشمال. والدليل على ذلك قوله تعالى في الآية الأخرى:
" وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ". فلما قال سبحانه في الآية الأولى: " فأصحاب الميمنة ". قال: " وأصحاب المشئمة ".
ولما قال سبحانه في الآية الأخرى " وأصحاب اليمين " قال:
" وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال "، والمراد في الآيتين واحد