مقام المطيع لامره، والمتصرف على حكمه. وقد بين عليه الصلاة والسلام ذلك في خطبة له، فقال: " وإياكم والبخل فإنه أهلك من كان قبلكم. أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا " فبين عليه الصلاة والسلام كيف يكون البخل آمرا مطاعا وقائدا متبوعا. وهذه أيضا استعارة أخرى لان البخل على الحقيقة لا يكون آمرا ناهيا، ولا قائدا مخاطبا. والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام: " أمرهم بالقطيعة فقطعوا " أن البخلاء يضنون بمالهم على أهل الحاجة من أقربائهم، وأولى الخلة (1) من ذوي أرحامهم، فيكونون بذلك قاطعين للرحم: القريبة، وعاقين لأعراق الوشيجة (2) والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام: وأمرهم بالفجور ففجروا " أن البخل حسن لهم منع الأموال من الانفاق في الحقوق، وإسلاكها (3) سبل المعروف، فأجرى عليهم لهذه الحال اسم الفجور (4).
(١٩٧)