عجيبة، والمراد بها أن مشارة الناس تظهر المعايب وتخفى المناقب لان المهاتر المشاغب لا يقدر لمخاصمة على مثلبة (1) إلا بحثها، ولا يجد له منقبة (2) إلا دفنها، فكأنه يميت محاسنه ويحيى مساويه، وجعل عليه الصلاة والسلام الغرة في مكان المنقبة لتجمل الانسان بنشرها، وجعل العرة في مكان المثلبة لتهجن الانسان بكشفها، وقد قيل إن المراد بالغرة هاهنا النفيسة من المال، ومنه قول الشاعر:
* غرير التلاد منيل الطعام * أراد بغرير التلاد كرائم المال، والمراد بالعرة: البلاء والملاك مأخوذ من العرة، وهي قروح تصيب الإبل، وهذا القول ذكره أبو عبيدة، والقول الأول أشبه بظاهر الكلام وأبعد من الاعتساف والاستكراه، ومما يؤكد ذلك ما روى عن جدنا الصادق جعفر بن محمد عليه وعلى آبائه السلام أنه قال: إياكم وتعداد العرة (3) فإنها تكشف العورة وتورث المعرة (4). فهذا كالبيان لذلك الاجمال، والاخراج من ذاك الاحتمال (5).