يفعل ذلك من العرب إلا الأعز فالأعز، والابر فالأبر (1)، حتى ضربت العرب المثل بحمى كليب بن ربيعة، وهو كليب وائل في أنه رجل حرام وممنوع (2) لا يرام، فقالوا: أعز من حمى كليب، فجعل عليه الصلاة والسلام ما حظره الله سبحانه على العباد كالحمى الذي يجب عليهم ألا يطوفوا به ولا يمروا بجوانبه، ومن خالف الله منهم أرصد له العقاب وانتظر له النكال (3)، فما حرم من الأشياء حمى لا يرعى، وما أحل منها مرعى لا يحمى. وقوله عليه الصلاة والسلام: فمن أرتع حول الحمى كان قمنا أن يرتع فيه، يريد به التحذير من الالمام بشئ من صغائر الذنوب لئلا يكون ذلك مجرئا على الوقوع في كبائرها والتهوك (4) في معاظمها. وهذه من أحسن العبارات عن هذا المعنى.
وهذا الغرض نحاه (5) عمر بن عبد العزيز بقوله: دع بينك وبين الحرام جزءا من الحلال، فإنك إن استوفيت الحلال كله تاقت نفسك إلى الحرام (6).