أنه أتعبه واستنفد طاقته، فعلى هذا التأويل يكون معنى كد الرجل وجهه بالمسائل أنه لكثرة بذله في السؤال وطلب ما في أيدي الرجال قد أجراه مجرى المطية التي يحضرها بكثرة الحل والترحال وقطع المسافات الطوال. والتأويل الآخر: أن يكون الكد مأخوذا من استقصاء النزح ماء الركية (1) حتى يبلغ حمأتها (2) ويستنفد غمرتها (3) يقال: كد الركية واكتدها إذا فعل ذلك بها قال الشاعر:
أمص ثمادى والمياه كثيرة * أعالج منها حقرها واكتدادها (4) ويكون قول القائل على هذا التأويل: كددت فرسى، أي اعتصرت مادته واستقصيت ما عنده، فيكون كد الوجه على هذا القول يراد به اعتصار مائه واستقطار حياته. ومن المتعارف بيننا أن يقول القائل إذا أراد هذا المعنى: قد هرقت (5) ماء وجهي بكثرة الطلب إلى فلان، والرغبة فيما عند فلان (6).