والانصاف ان كثيرا من هذه التعاريف غير نقية عن الاشكال، فإن اسناد التلف في جميع ذلك ثابت عرفا، فمن القى حجرا في طريق مظلم فمر به انسان فعثر وهلك أو وقع به خسارة أخرى يسند القتل والجرح إليه، وكذلك من حفر بئرا في الطريق وأخفاه فعبر عنه عابر فوقع فيه وهلك يسند القتل إلى الحافر، فليس الفرق بين المباشرة والتسبيب بالاسناد في الأول، وعدمه في الأخير، بل الاسناد فيهما ثابت من دون فرق.
قال في مفتاح الكرامة في كتاب الديات ما حاصله ان الموجب للقتل أمور:
" العلة " وهي ما يسند إليه الموت، و " السبب " وهو ماله اثر في الموت ولكن لا بالمباشرة، بل يولده ولو بوسائط وقد يتخلف الموت عنه ولا يتخلف عن العلة كما في شهادة الزور وتقديم الطعام المسموم إلى غيره، والاكراه على شرب السم و " الشرط " ما يقف عليه تأثير المؤثر ولا مدخل له في الفعل كحفر البئر في الطريق إذ الوقوع فيه مستند إلى التخطي.
ثم قال كان السبب هنا أعم من فعل السبب بالمعنى المذكور هناك وفعل الشرط انتهى ملخصا (1).
أقول: وقد اضطربت كلماتهم في هذا المقام في تعريف السبب وغيره حين ما لم يتعرض كثير منهم لمعنى السبب هنا بل اكتفى بذكر الأمثلة الواردة في الروايات كحفر البئر والاضرار بطريق المسلمين.
لكن المهم انه لم يرد في نصوص الباب شئ من هذه العناوين الثلاثة (المباشرة والتسبيب وإيجاد الشرط) بل المدار على صدق عنوان الاتلاف عمدا أو خطأ، والظاهر أن النصوص الخاصة الواردة في المقام لا تتعدى عما يصدق عليه هذا العنوان عرفا.