بقي هنا أمور: أحدها - ان التعليل الوارد في رواية حفص بن غياث وهو لزوم اختلال السوق وانحلاله على فرض عدم حجية اليد لا ينافي ما ذكرنا من كونها امارة وطريقا إلى الملكية، وذلك لما عرفت من أنه لا منافاة بين الملاكين وأن تكون حجيتها مستندة في المرتبة الأولى إلى اقتضاء طبع اليد، وفى الثانية إلى لزوم حفظ النظام، والمنع عن الهرج والمرج، وأي مانع من أن يكون في شئ واحد ملاكان للحجية؟.
ثانيهما - ان تقديم البينة على اليد، في موارد قيامها، أيضا لا ينافي اماريتها، كما أن تقديم قرينة المجاز على أصالة الحقيقة، ودليل التخصيص على أصالة العموم، و اشباههما، لا ينافي كون هذه الأمور حجة من باب الا مارية والطريقية إلى الواقع، لأن الامارات ليست متساوية الاقدام في كشف الواقع، فرب امارة تكون أقوى من أخرى، فتقدم عليها، ولا شك ان البينة العادلة أقوى دلالة على الملكية من اليد، فاليد بطبعها الأولى و ان كانت تقتضي الملكية الا انه إذا كان هناك دليل أقوى يدل على انحرافها عن طبعها و استعمالها في غير محلها، فلابد من الركون إليه، وهذا نظير تقديم الأظهر على الظاهر في باب ألفاظ.
فاذن لا نحتاج إلى ما ذكره شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) من أن تقديم البينة عليها إنما هو من جهة ان اليد تكون امارة على الملك عند الجهل بسببها، والبينة مبينة لسبب اليد، وبعبارة أخرى: مستند الكشف في اليد هي الغلبة، والغلبة إنما توجب الحاق المشكوك بالأعم الأغلب، أما إذا كان في مورد الشك امارة معتبرة تزيل الشك تعبدا فلا يبقى مورد للالحاق (انتهى).
وهذا البيان كما ترى راجع إلى توجيه حكومه البينة على اليد، بتصرفها في موضوعها بإزالة الشك تعبدا، وفيه من الاشكال ما لا يخفى، لامكان معارضته بمثله، والقول بان حجية البينة إنما هي عند الجهل بالملك، واليد تزيل هذا الشك (فتأمل).