التنبيه الخامس قد عرفت ان الصحة التي يحمل عليها فعل الغير هي الصحة عند الحامل وبعبارة أخرى الصحة الواقعية لا الصحة الفاعلية فيرتب عليه جميع ما يترتب على الفعل الصحيح الواقعي من آثاره من غير فرق بين تلك الآثار الا انه قد يظهر من بعض كلماتهم في بعض المقامات التفكيك بينها أحيانا، مثل ما نسب إلى المشهور من عدم جواز الاكتفاء بعمل النائب عند الشك الا أن يكون عدلا وإن كان مستحقا للأجرة، ومثل ما حكاه شيخنا الأعظم العلامة الأنصاري قدس سره عن بعض من اشتراط العدالة فيمن يوضأ العاجز عن الوضوء، وارتضاه المحقق الهمداني قده في بعض تعليقاته على الفرائد.
أقول - اما ذهاب المشهور إلى اعتبار العدالة في النائب فمحل تأمل واشكال قال في (المدارك) في بحث النيابة من كتاب (الحج) ما لفظه: (ولم يذكر المصنف من الشرائط عدالة الأجير وقد اعتبرها المتأخرون في الحج الواجب لا لأن عبادة الفاسق تقع فاسدة بل لأن الاتيان بالحج الصحيح إنما يعلم بخبره والفاسق لا يقبل اخباره بذلك). ويظهر منه ان الشهرة لو ثبتت فإنما هي حادثة بين المتأخرين، هذا مضافا إلى امكان حمل كلام من اعتبر العدالة على خصوص صورة الشك في أصل تحقق العمل لا في صحته مع العلم بصدوره.
وعلى أي حال فقد استوجه الشيخ (قده) ما نسب إلى المشهور من عدم جريان أصالة الصحة في عمل النائب ووجهه بما حاصله: ان لفعل النائب عنوانين: أحدهما: من حيث إنه فعل من أفعاله وبه يستحق الأجرة ويترتب عليه غيره من آثاره ثانيهما: من حيث إنه عمل تسبيبي للمنوب عنه، حيث إن المنوب عنه بمنزلة الفاعل بالتسبيب وكأن فعل النائب صادر عنه وقائم به، ومن هذه الجهة الفعل فعل المنوب عنه، وأصالة الصحة في فعل النائب إنما تنفع في ترتيب آثاره عليه من الجهة الأولى دون الثانية، ففي موارد الشك لا محيص عن التفكيك بين العنوانين وترتيب خصوص آثاره التي تترتب عليه بعنوان انه فعل