الثلاثة المذكورة لحمل فعل الغير على الصحة لا المعنى الثالث الذي نحن بصدده و الغرض من جميع هذه التأكيدات تحكيم مباني الاخوة بين المؤمنين والزامهم بالمعاشرة بالمعروف وله شواهد كثير في نفس هذه الروايات لا تخفى.
هذا مضافا إلى أن ذكر الأخ في كثيرة منها دليل على أنه ليس حكما عموميا في حق كل أحد وجميع الناس من المؤمنين وغيرهم (كما أشار إليه العلامة النراقي في عوائده) فلعله نظير كثير من الحقوق الواردة في باب حق المؤمن على أخيه التي لا تجرى في حق جميع المسلمين بل ولا جميع المؤمنين بل يختص بالذين استحكمت بينهم عرى المودة والإخاء كما حقق في باب حقوق المؤمن.
الثالث - الاجماع اما الاجماع القولي فاثباته بوجه كلى بعنوان (وجوب حمل أفعال المسلمين أو أفعال الغير مطلقا على الصحة) دونه خرط القتاد، فإن كلمات أكثرهم (كما اعترف به المحقق المولى محمد باقر الخراساني في كفايته وغيره فيما حكى عنهم، والعلامة النراقي في عوائده) خالية عنه وإنما تعرض لهذه القاعدة بعنوان مستقل شر ذمة من متأخري الأصوليين، وإن كان الظاهر من بعض العبائر انها من القواعد المقبولة على نحو كلى ولكن الاكتفاء بمجرد ذلك في اثبات هذه القاعدة على نحو عام مشكل جدا والحاصل ان دعوى الاجماع القولي عليها كما يترائى من بعضهم قابلة للذب والانكار، وعلى تقدير ثبوته - وهو غير ثابت - فالاعتماد على مثل هذه الاجماعات في أمثال هذه المسائل التي لها مدارك كثيرة اخر كما ترى.
نعم يمكن دعوى الاجماع في موارد خاصة كأبواب الذبائح والمناكح وبعض أبواب المعاملات وغير ذلك ولكنه غير كاف في اثبات هذه الكلية هذا حال الاجماع القولي اما الاجماع العملي من العلماء بل من المسلمين جميعا، وهو الذي يعبر عنه بسيرة المسلمين فهو غير قابل للانكار في جل موارد هذه القاعدة أو كلها، لأنهم لا يزالون يعاملون مع الافعال الصادرة عن غيرهم معاملة الصحة في أبواب العبادات كصلاة الإمام،