الا دارت مداره.
اللهم الا ان يقال إن (التبعيض في ذلك بنفسه موجب للعسر واختلال النظام، لأنه لا تفاوت بين الأيدي المختلفة حتى تتبعض في الحجية، ولو كان هناك فرق وتفاوت فإنما هو بأمور لا يمكن جعلها فارقا في المقام، كما أن (التخيير) أيضا لا يرفع الغائلة، فلو قيل بان هذا اليد حجة دون أخرى كان أول النزاع والخلاف، وأول المخاصمة واللجاج، و كان فيه من الهرج والمرج ما لا يخفى. فلا مناص من القول بحجيتها مطلقا، فاستدلال الإمام عليه السلام يكون من قبيل (العلة) للحكم كما هو ظاهره أيضا.
خامسها: السنة - وهي روايات كثيرة وردت في مختلف أبواب الفقه، بعضها يدل عليها بالعموم وبعضها بالخصوص.
منها - رواية (حفص بن غياث): المعروف بين الفقهاء، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال له رجل إذا رأيت شيئا في يدي رجل أيجوز لي ان اشهد أنه له قال عليه السلام نعم، قال الرجل اشهد أنه في يده ولا اشهد أنه له، فلعله لغيره، فقال أبو عبد الله أفيحل الشراء منه؟ قال نعم، قال أبو عبد الله فلعله لغيره، فمن أين جاز لك ان تشتريه؟ ويصير ملكا لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه، ولا يجوز ان تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لم لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق - والرواية وان كانت غير خالية عن ضعف في سندها، الا انها منجبرة بعمل الأصحاب واستنادهم إليها، واستفاضا مضمونها (فتأمل).
وهي مشتملة على حجية اليد بأبلغ بيان، بل جواز الشهادة بالملكية بمقتضاها وانه كما يجوز ان يحلف الانسان على كونه مالكا لما في يده، مع أنه غالبا مسبوق بيد غيره المحتملة للغصب ونحوه، فكذلك يجوز له الشهادة على ملك غيره بمجرد استقرار يده عليه، وهذا هو منتهى المقصود في المسألة.