يكون تخصيصها منافيا للمنة. وأما إذا كان موافقا لها فلا مانع منه، وما نحن فيه من هذا القبيل فإن منافع الجهاد ومصالحه من ظهور المسلمين على الأعداء وحفظ ثغورهم وبقاء عزهم وجعل كلمة الله هي العليا وتفريق احزاب الكفر وجعل كلمتهم هي السفلى، لما كانت ظاهرة واضحة لكل أحد صار هذا قرينة عرفية على جواز التخصيص ولم يناف ورود العام مورد الامتنان، بل كان ترك تشريع هذا الحكم الظاهر مصلحته منافيا له، وكل ما كان من هذا القبيل جاز تخصيص عمومها به من دون أي محذور.
والحاصل ان حال العمومات الواردة في مقام البيان ليست حال سائر العمومات التي يجوز تخصيصها بكل مخصص، كما أنه ليس حالها حال بعض العمومات المعللة بعلل عقلية عامة لا يجوز تخصيصها ابدا بأي مخصص كان، بل حكمها في جواز التخصيص وعدمه جوازه بما لا ينافي الامتنان وعدم جوازه فيما ينافيه.
التنبيه الثاني هل العبرة بالحرج الشخصي أو النوعي؟
هذا البحث نظير ما أسلفناه في قاعدة (لا ضرر) والكلام فيه من جهات كثيرة كالكلام فيه وإن كان بينهما اختلاف من بعض الجهات نشير إليها.
وحاصل القول إن العبرة في ارتفاع الحكم بلزوم العسر والحرج هل هو بالحرج الشخصي بان يكون لزوم الحرج في مورد رافعا للتكليف في خصوص ذاك المورد، أو النوعي بحيث كان لزومه على نوع المكلفين رافعا للتكليف عن عامتهم؟.
والحق هو الأول. لظهور جميع العناوين الواردة في لسان الأدلة في مصاديقها الشخصية فعنوان الضرر إنما يصدق في خصوص موارده واشخاصه وكذلك الحرج و غيرهما من العناوين الواردة في الأدلة، وإرادة الحرج أو الضرر النوعي تحتاج إلى قرينة مفقودة في المقام.
نعم يظهر من أحاديث الباب استدلال الإمام عليه السلام في موارد مختلفة بعموم قوله