التنبيه العاشر أصالة الصحة في الأقوال والاعتقادات هل القاعدة مختصة بالافعال الصادرة من الغير أو تشمل أقواله واعتقاداته أيضا؟
والحق انه إن كان المراد من الصحة في باب الأقوال مطابقة مداليلها للواقع فحملها على الصحة بهذا المعنى عبارة أخرى عن حجيتها، والمتكفل له مبحث حجية خبر الواحد، ومن المعلوم عدم حجية خبر كل مخبر بل هو مشروط بشرائط مذكورة في محلها، على اختلاف المذاهب في ذلك.
وإن كان المراد صحتها بما انها أفعال صادرة عن المتكلمين بها وكان لها آثار شرعية بهذا الاعتبار كما إذا شك في صحة القراءة والأذكار الصلاتية الصادرة من الإمام أو الأجير، فإنها وان كانت من سنخ الأقوال ولها معان معلومة، الا انها باعتبار ألفاظها الصادرة عن المكلف جزء للصلاة، فهي من هذه الجهة فعل من أفعاله يترتب على صحيحها آثار خاصة، ولا شك في أنها بهذا الاعتبار تشملها أدلة حجية القاعدة فتجرى فيها ويترتب عليها آثارها. هذا ملخص الكلام في (الأقوال).
واما (الاعتقادات) فتارة يكون البحث فيها عن الاعتقادات المتعلقة بالموضوعات الخارجية، وأخرى فيما يتعلق بالأحكام الفرعية، وثالثة فيما يتعلق بأصول الدين.
اما الأول فكما إذا اعتقد انسان ان هذا الماء الخاص بلغ قدر كر، وشككنا في صحة اعتقاده ذلك، لاحتمال خطائه عند تقديره بالأشبار أو الوزن، فإن كان لاعتقاده ذلك آثار عملية خارجية كما إذا غسل ثوبا بذاك الماء المشكوك كريته عندنا، فلا ينبغي الاشكال في لزوم حمل اعتقاده على الصحة وترتيب آثار الطهارة على الثوب المغسول به، بل هو في الحقيقة من مصاديق حمل فعل الغير على الصحة وإن كان منشأ الشك في صحته هو احتمال خطائه في اعتقاده، ففي المثال