كما ورد في عدة روايات، وحينئذ أي مانع من جعل قول الشارع (لأنه مسكر) مثلا علة في بعض المقامات وحكمة في أخرى مع جوازه في مقام واحد من جهتين.
ولا يتوهم ان ذلك يوجب اختلافا في معنى هذه الفقرة حتى يستبعد استعمالها في معنين مختلفين (ولو في مقامين مختلفين كما في محل البحث) فإن المعنى في الجميع واحد لا اختلاف فيه أصلا، وإنما الاختلاف في كيفية التعليل بها ونحو ارتباط هذه الكبرى مع صغراها، فإنها قد تكون علة لتشريع حكم عام فتكون حكمة، و لا يجب دوران ذلك الحكم مدارها بل قد تتخلف عنها كما في حكم الشفعة، وفى بعض المقامات تكون ضابطة كلية تلقى إلى المكلفين يدور الحكم معها حيثما دارت، واما تشخيص كون العلة من قبيل الأول أو الثاني فإنما هو من القرائن اللفظية والمقامية وكيف كان فلا يتوجه على الحديث ايراد من هذه الناحية أيضا.
وقد تحصل مما ذكرنا ان الاستشكال في مناسبة لا ضرر لمورد الحديثين ضعيف جدا، ولو بنى على أمثال هذه التشكيكات جرى الاشكال في كثير من الظواهر المرتبطة بعضها ببعض، والانصاف انا لو خلينا وأنفسنا لا نجد أي فرق بين هذين الحديثين وسائر الروايات الواردة في وقايع مختلفة المشتملة على ذكر التعليلات والكبريات، بل لعله لو لم يفتح باب هذا التشكيك ما كان يبدو في أذهانهم قدس الله اسرارهم شئ من هذه الايرادات وإنما حصلت ما حصلت بعد ابداء هذا الاحتمال.
وإذ قد عرفت ذلك فلنرجع إلى بيان مفاد هذه الفقرة التي هي العمدة في مدرك هذه القاعدة، والبحث عنها تارة يكون حول مفردات الحديث أعني كلمتي (الضرر) و (الضرار) وأخرى في معنى الجملة، فيقع البحث في مقامين:
الأول في معنى الضرر والضرار قد اختلف عبارات اللغويين في معناهما فاما الضرر:
فعن (الصحاح) انه خلاف النفع.
وعن (القاموس): انه ضد النفع وانه سوء الحال.
وعن (النهاية) و (مجمع البحرين): انه نقص في الحق.