فالعمدة في وجه البطلان هو استظهار الموضوعية من عنوان (الخوف) الوارد في أبواب التيمم، الصادق في المقام، لأن المفروض كون المكلف خائفا من استعمال الماء بل عالما بالضرر، وان لم يكن كذلك في الواقع، ولكن في هذا الاستظهار أيضا كلام في محله من الفقه.
التنبيه السادس هل القاعدة شاملة للعدميات أم لا؟
لا اشكال في شمول القاعدة للأحكام الوجودية وإنما الكلام في شمولها للعدميات وحاصل القول فيه انه هل يجوز التمسك بالقاعدة لاثبات أحكام وجودية في موارد يلزم من فقدها الضرر بان يكون عدم الحكم مشتملا على الضرر فيتمسك بالقاعدة لنفيه ويستنتج منه حكم وجودي، أم لا؟.
ومثلوا له بضمان ما يفوت من عمل الحر بسبب حبسه، وبما لو فتح انسان قفص طائر فطار، فإن عدم الضمان في المقامين أمر ضرري واثباته رافع لذلك الضرر. هذا ولكن في التمثيل الثاني اشكال ظاهر، لأنه مشمول لقاعدة الاتلاف، فإن فتح قفص الطائر سبب لاتلافه وداخل تحت أدلة الاتلاف بلا كلام. اللهم الا ان يقال: ان النظر هنا إلى شمول قاعدة لا ضرر له وإن كان حكمه معلوما من جهة قاعدة الاتلاف، ولكنه كما ترى، ولذلك اقتصروا في ذكر المثال الأول بعمل الحر مع أنه لا فرق بين عمل العبد والحر من هذه الجهة، وإنما الفرق بينهما من جهة صدق الاتلاف في عمل العبد لأنه مال وعدم صدقه في عمل الحر لعدم صدق المال عليه.
وكيف كان فهذا النزاع كما يتصور بين القائلين بدلالة الحديث على نفى الأحكام الشرعية الضررية مطلقا كذلك يتصور على المختار من عدم دلالتها الا على نفى امضاء اضرار الناس بعضهم ببعض في عالمي الوضع والتكليف، فما نذكرها من الوجوه الآتية لتعميم القاعدة جارية على المذهبين.
وإذ قد عرفت ذلك فاعلم أن الحق عدم الفرق بين الأمور الوجودية والعدمية هنا