لا يمكن أيضا التقرب به، لما حققناه في محله من سراية الحسن والقبح من المسببات إلى الأسباب التوليدية هذا ولكن الكلام في حرمة الاضرار بالنفس بهذا العموم، وتمام الكلام في محله وإن كان الأقوى في النظر عاجلا عدم مشروعية هذا الوضوء على القول بشمول لا ضرر لأمثال هذه التكاليف التنبيه الخامس هل الامر يدور مدار الضرر الواقعي أولا؟
إذا جهل بالضرر مع موجوده واقعا فقد يقال بالصحة لما يظهر اختياره من السيد السند المحقق اليزدي في باب الوضوء عند ذكر الشرط السابع من شرائطه حيث قال:
(ولو كان جاهلا بالضرر صح وإن كان متحققا في الواقع والأحوط الإعادة أو التيمم) وكأنه عدل عنه في المسألة 34 من هذا الباب حيث قال: (لو كان أصل الاستعمال مضرا وتوضأ جهلا أو نسيانا فإنه يمكن الحكم ببطلانه لأنه مأمور واقعا بالتيمم) وكيف كان فقد أفتى بالصحة غير واحد من أعلام محشيها قدس الله اسرارهم.
وغاية ما يستدل به على الصحة أمران: أحدهما: ان القاعدة واردة مورد الامتنان ولا منة في نفى صحة مثل هذا الوضوء فإنه لا يزيد المكلف إلا عناء وشدة كما لا يخفى ثانيهما ان الضرر هنا مسبب عن جهل المكلف لا عن حكم الشارع فإن غفلته عن الواقع هي التي أوقعته في الضرر، ومن المعلوم ان المنفى بهذه القاعدة هو الضرر الناشئ من قبل حكم الشارع لا غير.
ولكن يرد على الأول منهما ان المنة إنما هي بلحاظ نوع الحكم لا بلحاظ اشخاصه وافراده وكل واحد واحد من الوقايع الشخصية، فرفع وجوب الوضوء الضرري إذا كان بحسب نوعه منة على العباد كان داخلا تحت القاعدة على الاطلاق، وما يتوهم كثيرا من دورانه مدار الاشخاص ولزوم المنة في كل واحد من الأحكام الشخصية المرفوعة، وكثيرا ما يرتب عليه فروع مختلفة، باطل جدا لأن المتيقن انصراف أدلة لا ضرر عن الموارد التي لا تكون بحسب نوعها منة على العباد لا غير.