التنبيه الرابع هل القاعدة تشمل العدميات أم لا؟
الحق انه لا فرق في شمول أدلة نفي الحرج بين الأحكام الوجودية والعدمية، كما مر نظيره في (قاعدة نفى الضرر).
ولكن بمعنى انه لو لزم من ترك بعض الأفعال ضيق وحرج على المكلف - كترك شرب مايع نجس أحيانا - فإنه يجوز شربه ويرتفع حرمته بمقتضى قاعدة نفى الحرج، ومجرد كون موضوعه وهو ترك الشرب أمرا عدميا لا اثر له أصلا، بعد كون الدليل الدال على نفى الحرج شاملا لجميع الموارد مثل قوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله عليه السلام (ان الدين ليس بمضيق) وقوله (الدين أوسع من ذلك) فإن مفادها جميعا نفى الأحكام الحرجية سواء تعلقت بموضوعات وجودية أو عدمية.
هذا بناءا على المختار من أن الحرج والعسر من صفات فعل المكلف لا من صفات الأحكام، وبناءا عليه يلاحظ العدمي والوجودي في ناحية متعلق الحكم وهو فعل المكلف لا في ناحية الحكم نفسه واما بناء على كونه من أوصاف الحكم فظاهر أدلة نفي الحرج - أعني نفى الأحكام الحرجية بناء على هذا القول - وإن كان خصوص الأحكام الوجودية، لأن عدم الحكم ليس حكما ولا يصدق عليه انه مما جعله الشارع فلا يدخل في قوله تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج، الا انك قد عرفت سابقا في بحث قاعدة لا ضرر، ان العرف يحكم حكما قطعيا بالغاء هذه الخصوصية: فلا يرى أي فرق بين لزوم الحرج من جعل الوضوء على المكلف أو من ترك جعل تسلط الناس على أموالهم، ولا يرى وجها للامتنان بترك جعل الأول دون الثاني وقد مر هناك بعض ما ينفعك في المقام فراجع.
التنبيه الخامس نفى الحرج هل هو رخصة أو عزيمة؟
إذا تحمل الحرج واتى بالعمل الذي فيه ضيق وشدة منفية - كالوضوء والغسل