هذه الأفعال التي تكون بمرئى من المكلف، نعم إذا كان الفاعل مع حضوره كالبعيد، كالحجام بالنسبة إلى غسل موضوع الحجامة في الظهر، فلا يبعد حينذاك اجراء أصالة الصحة في فعله، ولعله إليه يشير ما ورد من (ان الحجام مؤتمن) فتأمل.
التنبيه السادس هل القاعدة من الامارات أو من الأصول العملية؟
وقع الكلام بين الاعلام في أن قاعدة الصحة هل هي من الامارات المعتبرة - كما يظهر من كل من استند في حجيتها إلى ظهور حال المسلم - أو من الأصول العملية - كما اختاره المحقق النائيني وبعض من تأخر عنه وقد يستظهر من عبارة الشيخ الأعظم أيضا، وإن كان هذا الاستظهار محل تأمل واشكال.
أو يفصل بين مواردها: فإن كان منشأ الشك في الصحة احتمال تعمد الاخلال بما يعتبر في العمل من الاجزاء والشرائط أو احتمال عروض الغفلة والسهو مع علم الفاعل بالحكم فهي من الامارات نظرا إلى أن احتمال التعمد خلاف ظاهر حال الفاعل، كما أن احتمال عروض الغفلة والسهو مناف لما ورد في باب قاعدة الفراغ من التعليل بالأذكرية حين الفعل حيث إن وروده في ذاك الباب لا يوجب اختصاصه به بعد كونه أمرا عاما يعم العامل والحامل (الأول في قاعدة الفراغ والثاني فيما نحن بصدده). واما إن كان منشأ الشك احتمال جهل الفاعل بالحكم، بناءا على شمول القاعدة له، فلا محالة يكون أصلا تعبديا، لعدم وجود ملاك الا مارية فيه أصلا، وقد اختار هذا المذهب المحقق الأصفهاني (قده) في تعليقاته على الكفاية وانتصر له بما ذكر.
وأورد عليه المحقق النائيني في بعض كلماته في المقام بما حاصله: ان غاية ما يستفاد من التعليل بالأذكرية (كذلك ظهور حال المسلم) هو حمل فعله على الصحة عند فاعله، لا الصحة الواقعية التي نحن بصددها، فاذن لا مجال لعد هذا الأصل من الامارات المعتبرة، بل لا يكون الا من سنخ الأصول العملية.
أقول: لا طريق لنا إلى تحقيق حال هذه القاعدة من حيث كونها امارة أو