5 - المراد من (الغير) ماذا؟
قد وقع الكلام بين الاعلام أيضا في أن الذي يعتبر في تحقق التجاوز عن محل الشئ هل هو الدخول في مطلق الغير (بناء على اعتبار الدخول في الغير) ولو كان مقدمة للجزء الآتي، كالهوى للسجود والنهوض للقيام، أولا يكفي الا الدخول في الأجزاء الأصلية.؟
والمشهور عدم الاكتفاء بمطلق الغير وظاهر الروايات أيضا ذلك، لظهور قوله عليه السلام:
(ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض وان شك في السجود بعد ما قام فليمض) في مقام التوطئة لذكر الكبرى الكلية بقوله: (كل شئ شك فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه) في أن الغير لابد وأن يكون من الأجزاء الأصلية وان لا غير أقرب إلى (الركوع) من (السجود) والى (السجود) من (القيام).
اللهم الا ان يقال إن ذكر المثالين ليس من جهة اعتبار الدخول في الأجزاء الأصلية المستقبلة، بل من باب انهما مما يكثر الابتلاء بهما، وان الشك في حال الهوى أو النهوض نادر، فإنه يحصل عادة بعد ما استقر في الغير وقبله لا تغيب صورة الفعل غالبا عن الذهن.
ويؤيد ما عليه المشهور رواية عبد الرحمن (قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل ان يستوى جالسا فلم بدر أسجد أم لم يسجد؟ قال: يسجد، قلت: الرجل نهض من سجوده فشك قبل ان يستوي قائما فلم يدر أسجد أم لم يسجد قال سجد) (1) فإن المدار فيها الأجزاء الأصلية لا مقدماتها.
ولكن تعارضها رواية أخرى له عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له (ع): رجل اهوى إلى السجود فلم يدر اركع أم لم يركع قال قد ركع) (2) فإن ظاهر قوله: اهوى إلى السجود عدم بلوغه حده.
ورواية فضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله (ع): استتم قائما فلا ادرى ركعت أم لا؟ قال: بلى قد ركعت فامض في صلاتك فإن ذلك من الشيطان (3).
1 - رواه في الوسائل في أبواب السجود الباب 15.
2 و 3 - رواه في الوسائل في أبواب الركوع الباب 13.