ذكروها في هذا المقام.
فإن كان مرادهم من قولهم في مقام تعريف الإجارة " إنها عقد ثمرتها كذا " هو الايجاب والقبول، فهذا واضح البطلان، وإن كان مرادهم أن العقد موضوع عند الشارع لذلك الأمر الاعتباري، فهذا كلام حق لا إشكال فيه.
ولا مانع من كون الأمور التدريجية الوجود، موضوعة لأمر اعتباري و مصححة لاعتباره، كما أن الشارع جعل التذكية - أي فري الأوداج الأربعة بآلة من حديد من مسلم مسميا موجها إلى القبلة - موضوعا لطهارة بدن الحيوان المذكى، وحلية لحمه إن كان مما يحل أكله، وقد اعتبر الشارع الأحكام الخمسة التكليفية من الوجوب، والحرمة، والاستحباب، والكراهة، والحلية في أكثر الافعال التي هي تدريجية الوجود.
ثم إن عقد الإجارة كسائر العقود يقع بالايجاب والقبول، ولابد أن يكونا بلفظين صريحي الدلالة على المقصود. واللفظ الصريح من طرف الموجب هو " آجرت " و " أكريت "، ومن طرف القابل، " قبلت " و " استأجرت " و " أكتريت " أو " استكريت " وأمثال ذلك مما هو يدل دلالة صريحة على مطاوعة ما أنشأه الموجب.
والمراد من الدلالة الصريحة هو أن يكون اللفظ إما موضوعا لذلك المعنى، وإما يستعمل فيه مع القرينة الصارفة والمعينة جميعا بحيث يكون ظاهرا في المعنى المراد، وذلك لأن العقود تابعة للمقصود، وقد أوضحناه في قاعدة " العقود تابعة للقصود " من هذا الكتاب.
وخلاصة الكلام في هذا المقام أن إنشاء عناوين العقود، كالبيع والإجارة والصلح والرهن، لابد وأن تكون مقصودة للمتعاقدين موجبا وقابلا، لأنها عناوين قصدية لا تتحقق بدون القصد، فإذا قصد عنوانا من عناوين العقود، وأنشأه بلفظ صريح في معنى ذلك العنوان إما بالوضع أو بالقرينة المتعارفة الظاهرة فيه حسب