قرار وثبات فلا يرد عليها التمليك، ليس كما ينبغي.
وأما الاشكال عليه: بأن الإجارة ليست تمليكا للمنفعة، لأنها متعلقة بالعين، فلو كان معنى الإجارة هو التمليك فلابد وأن يكون تمليكا للعين لا المنفعة، لعدم تعلقها بالمنفعة، فلا تكون موجبا لنقلها إلى المستأجر.
ففيه: أنه ليس معنى " آجرت الشئ الفلاني " ملكته كي يقال بأنها لم تتعلق بالمنفعة، بل معنى " آجرتك هذه الدار أو هذه الدابة " مثلا، أو أي مال آخر له منفعة محللة مقصودة للعقلاء هو أكريتك هذه الأشياء. ومعنى الاكراء عند المتفاهم العرفي تمليك منافع ذلك الشئ له بإزاء عوض معلوم. فمعنى إجارة عين من الأعيان التي لها منفعة تمليك منافعها، فإذا تعلقت الإجارة أو الاكراء بعين يفهم العرف منه أن منافع تلك العين صارت ملكا للمستأجر والمكتري.
وبعبارة أخرى: لفظتا " الإجارة " و " الاكراء " مفيدتان لتمليك منافع ما تعلقا به فلو تعلقا بالمنفعة أفادا تمليك منافع تلك المنفعة، فلو قال: " آجرتك أو أكريتك منافع هذا البستان " كان معناه ملكتك منافع هذا البستان، فلابد وأن تتعلق الإجارة بنفس العين كي تفيد تمليك منافعها الذي هو حقيقة الإجارة فلا مجال للاشكال المتقدم، لما ذكرنا في معنى الإجارة من أن المعاوضة فيها في الحقيقة تقع بين منافع العين المستأجرة والعوض المذكور في عقد الإجارة، وذكر العين باعتبار قيام المنافع بها ولتعيين المنافع التي يملكها المؤجر للمستأجر بإزاء ما يأخذ من العوض. هذا في إجارة الأعيان المملوكة.
وفي إجارة الأحرار للأعمال أيضا يكون الامر كذلك.
وفي الحقيقة معنى إجارة الأجير نفسه، أو من يلي أمره لعمل تلميك ذلك العمل وذكر الأجير لقيام العمل به فلا يتعين إلا به، وإلا هو بنفسه أجنبي عن مورد المعاملة والمعاوضة.