هذا إذا لم يكن لفظ " الإجارة " متضمنا لتمليك منافع متعلقه، سواء كان متعلقه من الأعيان التي لها منفعة، أو كان حرا آجر نفسه، فمعنى إجارة نفسه تمليك منافع نفسه للمستأجر. فالإجارة وإن كانت تتعلق بنفسه ولكن قلنا إن معنى تعلق الإجارة بشئ هو تمليك منافع متعلقه للمستأجر، فإذا قال " آجرتك هذه الدار " معناه تمليك منافع تلك الدار للمستأجر، فلا يبقى إشكال في البين، ولا حاجة إلى القول بأن ذكر العين من باب قيام المنفعة بها ومن جهة تعيين المنفعة التي تقع طرفا للعوض.
ثم إن العلامة قدس سره ذكر في جملة من كتبه أن الإجارة عبارة عن العقد 1. وثمرته تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم مع بقاء الملك على أصله.
وأشكل عليه في جامع المقاصد 2 بأنه لو كان معنى الإجارة هو العقد، فلازمه أن يكون قول المؤجر " آجرتك " إنشاء وإيجادا لعقد الإجارة، فيكون معنى " آجرتك الدار الفلانية " مثلا: أنشأت عقد إجارتها. وهو غريب.
والصحيح هو أن الإجارة بالمعني الذي ذكرنا لها - تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم - مسببة عن العقد، أي عن الايجاب والقبول، بمعنى أن الايجاب والقبول عند الشارع موضوع لوجود الإجارة في عالم الاعتبار التشريعي.
فقولنا: إنها مسببة عن العقد - أي الايجاب والقبول - ليس مرادنا أنها من المسببات التكوينية، كالاحتراق الحاصل من النار بل عبارة عن أمر اعتباري اعتبره الشارع أو العرف والعقلاء في موضوع كذا، وهو ملكية المنفعة الكذائية في إجارة الأعيان، أو العمل الكذائي في إجارة الأحرار.
فلا يرد عليه أن السبب لابد وأن يكون موجودا بتمام أجزائه حال وجود المسبب، وإلا لزم تأثير المعدوم في الموجود، ولا يحتاج إلى التمحلات البارة التي