ومنها: قوله تعالى: (لو شئت لاتخذت عليه أجرا) 1. وغيرها من الآيات التي منها ما نقله المرتضى، عن تفسير النعماني بإسناده عن علي عليه السلام في بيان معايش الخلق، قال: وأما وجه الإجارة فقوله عز وجل (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون) 2.
فأخبرنا سبحانه أن الإجارة أحد معايش الخلق، إذا خالف بحكمته بين هممهم وإرادتهم وسائر حالاتهم، وجعل ذلك قواما لمعايش الخلق، وهو الرجل يستأجر الرجل في ضيعته وأعماله وأحكامه وتصرفاته وأملاكه، ولو كان الرجل منا يضطر إلى أن يكون بناء لنفسه، أو نجارا، أو صانعا في شئ من جميع أنواع الصنائع لنفسه، ويتولى جميع ما يحتاج إليه من إصلاح الثياب وما يحتاج إليه من الملك فمن دونه، ما استقامت أحوال العالم بتلك، ولا اتسعوا له ولعجزوا عنه، ولكنه أتقن تدبيره لمخالفته بين هممهم وكلما يطلب مما تنصرف إليه همته مما يقوم به بعضهم لبعض، وليستغني بعضهم ببعض في أبواب المعايش التي بها صلاح أحوالهم 3.
وأيضا روى الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن الصادق عليه السلام في وجوه معايش العباد إلى أن قال: " وأما تفسير الإجارات فإجارة الانسان نفسه، أو ما يملكه، أو يلي أمره من قرابته أو دابته أو ثوبه " 4 إلى آخر الحديث الشريف.
والمقصود من نقل الروايتين أن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام استدل لكون الإجارة من وجوه معايش العباد، وأنها مشروعة ثابتة في الدين بالآية الشريفة وأنها لابد منها، وأن أمور الخلق ومعايشهم لا تستقيم بدونها.