تعالى ذمهم على ذلك، وقال في كتابه العزيز (إن هم إلا كالانعام بل هم أضل سبيلا) 1.
وقد عبر علماء الأخلاق عن تلك الرذائل مثل الجبن والبخل والحسد والكبر والرياء والحرص والطمع تارة بالأمراض النفسانية، وأخرى بالمهلكات، فالقلب السالم عندهم هو الخالي عن هذه الأمراض والمهلكات، ولذلك قالوا في مقام علاج النفس المريضة بلزوم التخلية عن هذه الرذائل وتحليتها بالفضائل، ولعل إلى هذا يشير قوله تعالى في وصف يوم القيامة (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) 2 أي يكون سالما عن هذه الأمراض النفسانية.
فتحصيل هذه المرتبة من كمال النفس والقلب، وتخليته من الأمراض والمهلكات أولى بكثير من تخلية البدن من الأمراض الجسمية.
وبعبارة أخرى: الانسان مركب من البدن والنفس الناطقة القدسية التي بها يتميز تميزا جوهريا ذاتيا عن سائر الحيوانات، المعبر عنها في الكتاب العزيز تارة بالقلب، وأخرى بالروح، وثالثة بالنفس أيضا.
ولا شك في أن هذا الجزء من الانسان - أي النفس - أشرف من الجزء الآخر أي البدن، لأنه ثبت تجرده في محله، والبدن مادي، لأنه جسم، ولان إنسانية الانسان بالنفس لا بالبدن، إذ النفس صورة للانسان، والبدن مادة له، وشيئية الشئ بصورته لا بمادته. ففساد البدن وأمراضه لا يضر بإنسانية الانسان بقدر ما يضر فساد القلب، ولذلك علم الأخلاق الذي وضع لعلاج أمراض النفس أشرف بكثير من علم الطب الذي وضع لعلاج أمراض البدن، فكما أن العقل يحكم بلزوم علاج أمراض البدن وحفظه عن الهلاك، فكذلك يحكم بلزوم علاج أمراض النفس - أي القلب -