هذا، مع أن الاحتمال في وقوعه لأجل احتمال الشفاعة، وإلا فاستحقاقه معلوم، لا أنه محتمل، مع ورود روايات كثيرة في أن أهل الكبائر لا يشفعون خصوصا بعض الكبائر.
وأيضا صرح في بعض الأخبار بأن الله تبارك وتعالى لا يعفو عن حقوق الناس إلا أن يعفو صاحبه، فلا ينبغي التأمل في أن العقل يحكم حكما قطعيا بلزوم دفع مثل هذا الضرر المحتمل، ولذلك لما استدل الأخباريون للزوم الاحتياط في الشبهات البدوية التحريمية بهذه القاعدة.
وأجاب الأصوليون: بأن المراد من الضرر المحتمل إن كان ضررا دنيويا فمقطوعه لا يجب دفعه إذا كان يسيرا، فضلا عما هو محتمل. نعم لابد أن يكون ارتكابه لغرض ديني أو دنيوي كي لا يكون ارتكابه سفهيا، بل العقلاء يتحملون أضرارا لأجل أغراضهم ولو كانت تلك الاغراض شهوية.
وأما إن كان المراد من الضرر المحتمل الضرر الأخروي والعذاب الإلهي يقبلون لزوم دفعه بحكم العقل الصريح ولا ينكرون، بل يقولون بوجوب دفع الموهوم منه، بأن يكون احتمال وجوده أضعف من احتمال عدمه، وذلك لشدته وطول مدته، فلذلك يحتاج إلى وجود المؤمن لدفع هذا الاحتمال.
فيجيبون عن استدلالهم هذا بوجود المؤمن العقلي، أي قبح العقاب بلا بيان من قبل المولى، والمؤمن الشرعي، أي أدلة البراءة الشرعية من الآيات والروايات والاجماع.
وخلاصة الكلام: أن لزوم دفع الضرر المحتمل إذا كان المراد منه العذاب الأخروي بحكم العقل مما لا كلام ولا إشكال فيه.
الثاني: شكر المنعم، والعقل يستقل بلزوم شكر المنعم، ومنه لزوم النظر في المعجزة، وإلا يلزم إفحام الأنبياء عليهم السلام.