والاستقاء من الماء المباح كالشط مثلا، فلو جمع الحطب أو الحشيش أو أخذ الماء بقصد تكون هذه المذكورات للمستأجر فيصير ملكا له، فلو أتلفه متلف قبل أن يقبضه المستأجر يكون ضامنا للمستأجر لا الأجير، لأنها بحيازة الأجير بذلك القصد يصير ملكا له. فالاتلاف يقع على مال المستأجر لا الأجير، ومن أتلف مال الغير فهو له ضامن.
نعم لو كان حيازته لهذه الأشياء المذكورة أو لغيرها بقصد أن يكون ملكا لنفسه لا للمستأجر، فالظاهر عدم صيرورته ملكا للمستأجر، فلو أتلفها متلف لا يكون ضامنا للمستأجر. بل إن قلنا بأنها تصير ملكا لنفس الأجير فيكون ضامنا له، وإن قلنا بأنها لا تصير ملكا لاحد لعدم قصد ملكية في البين، فلا ضمان في البين.
لكن القول بأنها لا تصير ملكا لاحد لا أساس له، بل الظاهر أنها تصير ملكا لنفس الأجير فيما إذا لم يقصد ملكية المستأجر ويكون لنفسه ولو لم يقصد ملكية نفسه، لان كونه له قهري، لقوله صلى الله عليه وآله: " من حاز ملك " 1. وهذا الكلام عام يشمل كلتا صورتي قصده لتملكه وعدم قصده للتملك أصلا، لا لنفسه ولا لغيره. فتأمل.
فالمتلف يكون ضامنا لنفس الأجير والأجير ضامن للمنفعة التي فوتها على المستأجر للمستأجر.
وربما يقال: يكفي في كونها للمستأجر قصد نفس المستأجر أن يكون ما حازه الأجير له، سواء قصد الأجير أم لا يقصد، وذلك لان فعل الأجير بعد وقوع الإجارة صحيحة بمنزلة فعل نفس المستأجر، لان الإجارة في مثل هذه المقامات استنابة، فعلى تقدير احتياج تملكه إلى القصد يكفي قصد نفسه، ولا يحتاج إلى قصد الأجير.
نعم لو لم يقصد المستأجر ولا الأجير كلاهما التملك بتلك الحيازة، فكونه للمستأجر لا يخلو من تأمل، بل عن إشكال.