يبقى المنفعة أو شأن من شؤونها مجهولة فيما لا يتسامح العقلاء في مثل ذلك.
فلو كان الاستيجار لأجل حمل آلات وأدوات للصنعة أو الزرع أو لشغل آخر، فلابد أن يعين جنس الآلة وأنها من حديد أو من صفر أو من خشب أو من جنس آخر، وذلك لاختلافها ثقلا وخفة من حيث أجناسها، بل ربما تكون صعوبة في حملها من جهات أخرى غير جهة الثقل والخفة، فلابد من ملاحظة جميع هذه الجهات في مقام إيقاع عقد الإجارة وتعيينها كي يرتفع الغرر والجهالة كما هو ديدن العقلاء وبناؤهم في معاملاتهم.
وكذلك يلزم تعيين الدابة التي يستأجرها لأجل غرضه، وليس مرادنا من لزوم تعيينها تعيين شخصها، لأنه لا مانع من استيجار دابة كلية، كما أنه يجوز بيعها كذلك، غاية الأمر يجب توصيف صفاتها التي لها مدخلية في أصل الانتفاع بها، أو يكون لها مدخلية في تكميل الانتفاع بها، فالدابة وكذلك سائر المراكب سواء كانت من سنخ الحيوان أو غير الحيوان كالسيارة والطيارة يجب أن يعين نوعها بل صنفها، لاختلاف منافعها من حيث سرعة السير وبطئه، واستراحة الراكب فيها وعدمها.
والضابط الكلي في جميعها رفع الغرر ومعلومية المنفعة التي يملكها المؤجر والمستأجر.
وإن شئت قلت: إن بناء العقلاء في معاملاتهم المعاوضية على أن يعرف كل واحد من المتعاملين ما يأتي في ملكه عوض ما يخرج عنه، وعلى هذا يتفرع لزوم العلم بالعوضين، والشارع أمضى هذه الطريقة ونهى عن الغرر.
وخلاصة الكلام في المقام: أنه لابد من معلومية العين المستأجرة، سواء كانت إنسانا أو حيوانا أو غيرهما. وأيضا لابد من معلومية المنفعة التي يتملكها المستأجر علما عاديا حسب ما هو المتعارف في معاملات أهل العرف.
وقد طولوا بذكر الأمثلة والموارد لاختلاف المنافع فيها، ولكن جميع الموارد لا