المرضعة، أو عنب هذه الشجرة، أو هذا البستان وأمثال ذلك، فبهذا الاعتبار يشبه عند العرف أن تكون من الاعراض القائمة بالغير، كركوب هذه الدابة، أو سكنى هذه الدار، فإذا وقع النقل والانتقال عليها بهذا الاعتبار يراها العرف نقل المنفعة لا العين، ولذلك يضيف الإجارة إلى نفس العين فيقول: آجرتك هذه الدار أو هذا البستان، أو غير ذلك مما هو من هذا القبيل، لا إلى منافع تلك العين، بل إذا قال: آجرتك سكنى هذه الدار أو حليب هذه البقرة، تكون الإجارة باطلة، لما تحقق أن حقيقة الإجارة هي تمليك منفعة العين المستأجرة مع بقاء نفس العين وعدم إتلافها.
ففي جميع موارد إتلاف نفس العين - سواء كان لها وجود مستقل وليست منفعة وتبعا للغير كالخبز بالنسبة إلى آكله، والحطب لاشعاله واستعماله في الطبخ وغيره، أو كانت من منافع الغير كالأثمار على الأشجار، أو المياه في الابار، أو الألبان في الحيوانات اللبونة، والمرضعات للأطفال، أو إجارة العيون والقنوات للانتفاع بمياها للزرع في الزرع، أو في جهات أخر - لا يصح أن يجعل نفس هذه الأعيان التي يكون المقصود الانتفاع بإتلافها متعلقا للإجارة كي تكون هي الأعيان المستأجرة، ولو فعل ذلك تكون الإجارة باطلة.
وأما لو جعل متعلق الإجارة الأعيان التي تكون هذه الأعيان عند العرف بل حقيقة تعد من منافعها، لأنه لا يشترط في كون شئ منفعة لشئ أن يكون من أعراض ذلك الشئ، فالإجارة تكون صحيحة لتحقق أركانها، وهي صدق تمليك منفعة معلومة بعوض.
ولا يرد عليه إشكال أصلا، ولا يحتاج إلى تكلف القول بأن حقيقة الإجارة هي جعل العين المستأجرة في الكراء وأن ملك المنفعة لازم غالبي لها، مضافا إلى أن جعل الشئ في الكراء عبارة أخرى عن تمليك منفعة ذلك الشئ بعوض معلوم.
والواقعيات لا تختلف باختلاف التعابير الغير المختلفة بحسب المعنى المراد منها.