ثم إن هاهنا أمورا ينبغي أن تذكر وينبه عليها منها: أنه هل يجوز للمرضعة التي لها زوج أن توجر نفسها للارضاع أو الرضاع بدون إذن زوجها، أو لا؟
فيها أقوال، ثالثها عدم الجواز فيما إذا كان مزاحما لحق زوجها.
والحق هو هذا التفصيل، لأنه ليس لمن عليه الحق انشاء معاملة وارتكاب أمر يوجب تضييع حق الغير، لان الشارع سلب مثل تلك السلطنة له على أمواله وعلى أفعاله، كما هو كذلك في موارد سائر الحقوق.
وأما القول بعدم الجواز مطلقا وإن لم يكن مزاحما لحقه، لكون الزوج مالك اللبن، أو لكونه مالكا لجميع منافعها كالجارية التي يملكها.
فكلام عجيب، لوضوح أن الزوجة ليست مملوكة لزوجها كي يكون جميع منافعها أو خصوص لبنها له، فليس لمنعه تأثيرا، فضلا عن احتياجه إلى الاذن فيما إذا لم يكن مزاحما لحق استمتاعه منها متى شاء.
وظهر مما ذكرنا عدم بطلان الإجارة لو طرأ النكاح على الإجارة، بمعنى أنها حينما كانت خلية آجرت نفسها للارضاع أو للرضاع ثم تزوجت، فليس للزوج منعها عن ذلك بطريق أولى، إلا أن يكون مانعا عن استمتاعاته التي جعلها الله تعالى له.
نعم لو كان الزوج من أهل الشرف بحيث كان مثل هذا العمل إهانة له عند العرف لا يبعد أن يكون له منعها، كما أن له ذلك بالنسبة إلى سائر المكاسب المباحة لها إذا كان كذلك، كالخياطة والنساجة، والدلالة وغير ذلك من الأعمال التي لا يرتكبها أهل العزة والشرف.