هذا الحكم 1.
مضافا إلى ما تقدم منا في إلحاق الإجارة بالبيع في التلف قبل القبض، وأنها بحكمه في الانفساخ، وذلك لان تلف العين قبل القبض يلزم منه تلف المنفعة أيضا قبل القبض، لان المنفعة تابعة للعين تبعية العرض للمعروض، لان سكنى الدار وركوب الدابة موقوفان على بقاء الدار والدابة، وبتلفهما يتلفان قهرا. فالمنفعة في الإجارة بمنزلة المبيع في البيع، فإذا تلف قبل القبض فيشملها قوله صلى الله عليه وآله: " كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه " 2، وكذلك رواية عقبة بن خالد التي تقدم ذكرها 3.
وهما وإن كانا في ظاهر اللفظ مختصان بالبيع، ولكن المناط في البيع والإجارة واحد، وهو أن المبادلة بين العوضين في عالم الانشاء والتشريع مقدمة للاخذ والاعطاء خارجا، وإلا يكون الانشاء في الأغلب لغوا، فإذا امتنع التعاطي الخارجي فيبقى العقد والعهد لغوا، فينفسخ.
ولا شك في أنه بتلف العين يمتنع التعاطي الخارجي في كلا البابين، أي في باب البيع والإجارة، فقهرا ينفسخ العقد في كلا البابين. ولعل هذا هو المراد من إلحاق الإجارة بالبيع في شمول النبوي صلى الله عليه وآله ورواية عقبة بن خالد لها.
هذا إذا كان تلف العين المستأجرة قبل القبض وقبل أن يستوفى المستأجر شيئا من المنفعة، وأما لو وقع التلف بعد القبض فإن كان بعد استيفاء شئ من المنفعة أو بعد إمكان استيفائه لها ولكنه قصر في الاستيفاء فتكون الأجرة عليه بمقدار تلك المدة، لأنها تقسط باعتبار أزمنة الاستيفاء، إذ لاوجه للقول بالانفساخ من زمان وقوع العقد أو البطلان من أول الأمر في هذه الصورة وإن قال به قائل، فعليه أجرة المثل لما استوفى، أو للمدة التي كان يمكنه استيفائها ولم يستوف.