هو أقل الكمال، وأما الحذف والنقصان فلا لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى عن نقر الغراب، ورأي رجلا يصلي ولم يتم ركوعه وسجوده فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل وقال: لا ينظر الله عز وجل إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده. وقال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخف الناس صلاة في تمام. قال ابن دقيق العيد: وما أحسن ما قال:
إن التخفيف من الأمور الإضافية، فقد يكون الشئ خفيفا بالنسبة إلى عادة قوم طويلا بالنسبة إلى عادة آخرين انتهى. ولعله يأتي إن شاء الله تعالى للمقام مزيد تحقيق في باب ما يؤمر به الامام من التخفيف من أبواب صلاة الجماعة. وسيذكر المصنف طرفا من حديث معاذ في باب انفراد المأموم لعذر. وفي باب: هل يقتدي المفترض بالمتنفل أم لا؟ وسنذكر إن شاء الله في شرحه هنالك بعضا من فوائده التي لم يذكرها ههنا.
وعن سليمان بن يسار عن أبي هريرة أنه قال: ما رأيت رجلا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فلان لامام كان بالمدينة، قال سليمان: فصليت خلفه فكان يطيل الأوليين من الظهر ويخفف الآخرتين ويخفف العصر، ويقرأ في الأوليين من المغرب بقصار المفصل، ويقرأ في الأوليين من العشاء من وسط المفصل، ويقرأ في الغداة بطوال المفصل رواه أحمد والنسائي.
الحديث قال الحافظ في الفتح: صححه ابن خزيمة وغيره، وقال في بلوغ المرام: ان إسناده صحيح. (والحديث) استدل به على مشروعية ما تضمنه من القراءة في الصلوات لما عرفت من إشعار لفظ كان بالمداومة. قيل في الاستدلال به على ذلك نظر، لأن قوله أشبه صلاة يحتمل أن يكون في معظم الصلاة لا في جميع أجزائها، وقد تقدم نظير هذا، ويمكن أن يقال في جوابه أن الخبر ظاهر في المشابهة في جميع الأجزاء، فيحمل على عمومه حتى يثبت ما يخصصه، وقد تقدم الكلام في صلاة الصبح والظهر والعصر، وأما المغرب فقد عرفت ما تقدم من الأحاديث الدالة على أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يستمر على قراءة قصار المفصل فيها، بل قرأ فيها بطولي الطوليين وبطوال المفصل، وكانت قراءته في آخر صلاة صلاها بالمرسلات في صلاة المغرب كما تقدم. قال الحافظ في الفتح: وطريق الجمع بين هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان أحيانا يطيل القراءة في المغرب، إما لبيان الجواز، وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين، ولكنه يقدح في هذا الجمع ما في البخاري وغيره من إنكار زيد بن ثابت على مروان مواظبته على قصار المفصل في المغرب، ولو كانت قراءته صلى الله عليه وآله وسلم السور الطويلة في المغرب لبيان الجواز، لما كان ما فعله مروان من المواظبة على قصار المفصل إلا