عليه وآله وسلم في حديث السهو كان لاشتباه الحال عليه في السهو الذي وقع منه، ولذلك وقف كأنه غضبان. وتشبيكه في حديث أبي موسى وقع لقصد التشبيه لتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض، كما أن البنيان المشبك بعضه ببعض يشد بعضه بعضا. فأما حديث الباب فهو محمول على التشبيك للعبث، وهو منهي عنه في الصلاة ومقدماتها ولواحقها من الجلوس في المسجد والمشي إليه. أو يجمع بما ذكره المصنف من كان فعله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك نادرا يرفع التحريم ولا يرفع الكراهة، ولكن يبعد أن يفعل صلى الله عليه وآله وسلم ما كان مكروها. والأولى أن يقال: إن النهي عن التشبيك ورد بألفاظ خاصة بالأمة، وفعله صلى الله عليه وآله وسلم لا يعارض قوله الخاص بهم كما تقرر في الأصول.
وعن كعب بن عجرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أصابعه.
وعن علي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تفقع أصابعك في الصلاة رواهما ابن ماجة.
الحديث الأول في إسناده علقمة بن عمر. والحديث الثاني في إسناده الحرث الأعور. قوله: ففرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أصابعه فيه كراهية التشبيك في الصلاة من غير تقييد بالمسجد، سواء كان المصلي في المسجد، أو في البيت، أو في السوق، لأنه نوع من العبث، فلا يختص بكراهية الصلاة في المسجد. ويؤيد ذلك تعليله صلى الله عليه وآله وسلم للنهي عن التشبيك إذا خرج من بيته بأنه في صلاة، وإذا نهى من يكتب له أجر المصلي لكونه قاصدا الصلاة فأولى من هو في حال الصلاة الحقيقية. قوله: لا تفقع هو بالفاء بعد حرف المضارعة، ثم القاف المشددة المكسورة، ثم العين المهملة، وهو غمز الأصابع حتى يسمع لها صوت. قال في القاموس: والتفقيع التشدق في الكلام والفرقعة. وفسر الفرقعة بنقض الأصابع، وقد تقدم في شرح حديث أبي سعيد ما أخرجه أحمد والطبراني من حديث أنس وهو مما يؤيد حديث على هذا.
وعن أبي هرير أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن التخصر في الصلاة رواه الجماعة إلا ابن ماجة.
وفي الباب عن ابن عمر عند أبي داود والنسائي. قوله: عن التخصر في الصلاة