الشهر، وقيل السنة، فذلك جائز على حديث جابر. وأما أن يشترط منعا من تصرف خاص أو عام، فذلك لا يجوز لأنه من الثنيا، مثل أن يبيع الأمة على أن لا يطأها أو لا يبيعها، وأما أن يشترط معنى من معاني البر مثل العتق، فإن كان اشترط تعجيله جاز عنده، وإن تأخر لم يجز لعظم الغرر فيه. وبقول مالك في إجازة البيع بشرط العتق المعجل قال الشافعي على أن من قوله منع بيع وشرط، وحديث جابر عنده مضطرب اللفظ، لان في بعض رواياته أنه باعه واشترط ظهره إلى المدينة، وفي بعضها أنه أعاره ظهره إلى المدينة.
ومالك رأى هذا من باب الغرر اليسير فأجازه في المدة القليلة ولم يجزه في الكثيرة. وأما أبو حنيفة فعلى أصله في منع ذلك. وأما إن اشترط معنى في المبيع ليس ببر مثل أن لا يبيعها، فذلك لا يجوز عند مالك، وقيل عنه: البيع مفسوخ، وقيل: بل يبطل الشرط فقط.
وأما من قال له البائع: متى جئتك بالثمن رددت علي المبيع فإنه لا يجوز عند مالك، لأنه يكون مترددا بين البيع والسلف، إن جاء بالثمن كان سلفا، وإن لم يجئ كان بيعا.
واختلف في المذهب هل يجوز ذلك في الإقالة أم لا؟ فمن رأى أن الإقالة بيع فسخها عنده ما يفسخ سائر البيوع، ومن رأى أنها فسخ فرق بينها وبين البيوع. واختلف أيضا فيمن باع شيئا بشرط أن لا يبيعه حتى ينتصف من الثمن، فقيل عن مالك يجوز ذلك لان حكمه حكم الرهن، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الرهن هو المبيع أو غيره، وقيل عن ابن القاسم:
لا يجوز ذلك، لأنه شرط يمنع المبتاع التصرف في المبيع المدة البعيدة التي لا يجوز للبائع اشتراط المنفعة فيها، فوجب أن يمنع صحة البيع، ولذلك قال ابن المواز إنه جائز في الأمد القصير. ومن المسموع في هذا الباب نهيه (ص) عن بيع وسلف، اتفق الفقهاء على أنه من البيوع الفاسدة واختلفوا إذا ترك الشرط قبل القبض، فمنعه أبو حنيفة والشافعي وسائر العلماء، وأجاز مالك وأصحابه إلا محمد بن عبد الحكم، وقد روي عن مالك مثل قول الجمهور، وحجة الجمهور أن النهي يتضمن فساد المنهي عنه مع أن الثمن يكون في المبيع مجهولا لاقتران السلف به. وقد روي أن محمد بن أحمد بن سهل البرمكي سأل عن هذه المسألة إسماعيل بن إسحاق المالكي فقال له: ما الفرق بين السلف والبيع، وبين رجل باع غلاما بمائة دينار وزق خمر فلما عقد البيع قال: أنا أدع الزق، قال: وهذا البيع مفسوخ عند العلماء بإجماع، فأجاب إسماعيل عن هذا بجواب لا تقوم به حجة، وهو أن قال له: الفرق بينهما أن مشترط السلف هو مخير في تركه، أو عدم تركه، وليس كذلك مسألة زق الخمر وهذا الجواب هو نفس الشئ الذي طولب فيه بالفرق، وذلك أنه يقال له: لم كان هنا مخيرا ولم يكن هنالك مخيرا في أن يترك الزق ويصح البيع؟ والأشبه أن يقال إن التحريم ههنا لم يكن لشئ محرم بعينه وهو السلف لان السلف مباح، وإنما وقع التحريم من أجل الاقتران: أعني اقتران البيع به، وكذلك البيع في نفسه جائز، وإنما امتنع من قبل اقتران