في هذا مفرع على المشهور انه لا يجوز بيع القمح بالدقيق أما على رواية الكرابيسي إذا أثبتناها قولا فإنه يجوز بيع الدقيق بالدقيق لا محالة وقد أجاز الروياني في الحلية جواز بيع الدقيق بالدقيق إذا استويا في النعومة ونقله عن بعض أصحابنا وقال إنه القياس ونقله مع بعض أصحابنا عن أبي حنيفة رضي الله عنه (واعلم) أن الأصحاب أطلقوا هذه الحكاية عن الشافعي ولم يثبتوا اشتراط التساوي في النعومة والخشونة وسيأتي مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه وبعض أصحابنا أنه يشترط التساوي في أحدهما وكلام الروياني في الحلية ذكر التساوي في النعومة عن أبي حنيفة وبعض أصحابنا واختاره فيحتمل أن يكون مراده الاستواء في هذا أو في هذا وهو الظاهر وينزل كلام الشافعي المنقول عن المزني والبويطي عليه لأنه لو اختلفا فكان أحدهما خشنا والآخر ناعما لم تحصل المماثلة وعن أحمد جواز بيع الدقيق بالدقيق وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يجوز إذا كانا ناعمين أو خشنين وعبارة بعضهم يشترط تساويهما في النعومة والخشونة ووافق على امتناع الناعم بالخشن قالوا نحن نعتبر المساواة حالة العقد وأنتم تعتبرونها تارة فيما كان كمسألة الدقيق وتارة فيما يكون كمسألة الرطب واعتبار حال العقد أولى فالجهالة تؤثر حالة العقد فقط واستدل أصحابنا بما تقدم في بيع الدقيق بالقمح وقد وافقنا أبو حنيفة رضي الله عنه هناك مع كون الحنطة والدقيق متساويين ووافقنا على امتناع الناعم بالخشى ولا متعلق في أن بينهما مفاضلة فان ذلك متنقض بالحنطة إذا كان إحداهما أفضل من الأخرى وقال أصحابنا إنما نعتبر المساواة حالة الادخار فحسب ثم ذلك يكون تارة فيما مضى وتارة فيما يكون ودليله ما تقدم في بيع الرطب بالتمر مع سلامته على الانتقاص بخلاف ما اعتبروه قاله فيقان وان تساويا الآن فقد يكونان متفاوتين حالة كونها حبا بأن يكون أحدهما من حنطة رزينة والآخر من حنطة خفيفة.
(١١٩)