وعلى الأول إنما يرمل في طواف الإفاضة لاستعقابه السعي فأما إن كان يسعى عقب طواف القدوم فيرمل فيه بلا خلاف وإذا رمل فيه وسعي بعده لا يرمل في طواف الإفاضة بلا خلاف ان لم يرد السعي بعده وان أراد إعادة السعي بعده لم يرمل بعده أيضا على المذهب وبه قطع الجمهور وحكى البغوي فيه قولين والأول أشهر (أصحهما) عند المصنف والبغوي والرافعي وآخرين لا يرمل (والثاني) يرمل وبه قطع الشيخ أبو حامد ودليلهما في الكتاب * ولو طاف للقدوم ونوى أن لا يسعى بعده ثم بدا له وسعي ولم يكن رمل في طواف القدوم فهل يرمل في طواف الإفاضة فيه الوجهان ذكرهما القاضي أبو الطيب في تعليقه * ولو طاف للقدوم فرمل فيه ولم يسع قال جمهور الأصحاب يرمل في طواف الإفاضة لبقاء السعي قال الرافعي الظاهر أنهم فرعوه على القول الأول وهو الذي يعتبر استعقاب السعي والا فالقول الثاني لا يعتبر استعقاب السعي فيقتضى أن يرمل في الإفاضة (وأما) المكي المنشئ حجه من مكة فهل يرمل في طواف الإفاضة (فان قلنا) بالقول الثاني لم يرمل إذ لا قدوم في حقه (وان قلنا) بالأول رمل لاستعقابه السعي وهذا هو المذهب (وأما) الطواف الذي هو غير طوافي القدوم والإفاضة فلا يسن فيه الرمل بلا خلاف سواء كان الطائف حاجا أو معتمرا متبرع بطواف آخر أو غير محرم لأنه ليس بطواف قدوم ولا يستعقب سعيا وإنما يرمل في قدوم أو ما يستعقب سعيا كما سبق والله أعلم * قال أصحابنا والاضطباع ملازم للرمل فحيث استحببنا الرمل بلا خلاف فكذا الاضطباع وحيث لم نستحبه بلا خلاف فكذا الاضطباع وحيث جرى خلاف جرى في الرمل والاضطباع جميعا وهذا لا خلاف فيه وسبق بيانه في فصل الاضطباع والله أعلم * (فرع) قد سبق أن القرب من البيت مستحب للطائف وأنه لو تعذر الرمل مع القرب للزحمة فان رجا فرجة ولا يتأذى أحد بوقوفه ولا يضيق على الناس وقف ليرمل وإلا فالمحافظة على الرمل مع البعد أولى فلو كان في حاشية المطاف نساء ولم يأمن ملامستهن لو تباعد فالقرب بلا رمل أولى من البعد مع الرمل حذرا من انتقاض الوضوء * وكذا لو كان بالقرب أيضا نساء وتعذر الرمل في جميع المطاف لخوف الملامسة فترك الرمل في هذه الحال أفضل * قال أصحابنا ومتى تعذر الرمل استحب أن يتحرك في مشيه ويرى من نفسه أنه لو أمكنه الرمل لرمل نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب قال إمام الحرمين هو كما قلنا يستحب لمن لاشعر على رأسه إمرار الموسى عليه *
(٤٣)