من الملامسة والفتنة فإن كان المطاف خاليا من الرجال استحب لها القرب كالرجل * قال أصحابنا فان تعذر على الرجل القرب من الكعبة مع الرمل للزحمة فان رجا فرجة استحب ان ينتظرها ليرمل ان لم يؤذ بوقوفه أحد وان لم يرجها فالمحافظة على الرمل مع البعد عن البيت أفضل من القرب بلا رمل * هكذا قاله أصحابنا واتفقوا عليه قالوا لان الرمل شعار مستقل ولان الرمل فضيلة تتعلق بنفس العبادة والقرب فضيلة تتعلق بموضع العبادة * قالوا والمتعلق بنفس العبادة أفضل وأولى بالمحافظة قالوا ولهذا كانت الصلاة بالجماعة في البيت أفضل من الانفراد في المسجد والله أعلم * (فرع) قد ذكرنا انه يستحب القرب من الكعبة بلا خلاف * واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يجوز التباعد ما دام في المسجد واجمع المسلمون على هذا وأجمعوا على أنه لو طاف خارج المسجد لم يصح * قال أصحابنا شرط الطواف وقوعه في المسجد الحرام ولا بأس بالحائل فيه بين الطائف والبيت كالسقاية والسوارى وغيرها * قالوا ويجوز الطواف في أخريات المسجد وأروقته وعند باب المسجد من داخله * قالوا ويجوز على سطوح المسجد إذا كان البيت أرفع بناء من المسجد كما هو اليوم * قال الرافعي فان جعل سقف المسجد أعلى من سطح الكعبة فقد ذكر صاحب العداة انه لا يجوز الطواف على سطح المسجد وأنكره عليه الرافعي وقال لو صح قوله لزم منه أن يقال لو انهدمت الكعبة والعياذ بالله لم يصح الطواف حول عرصتها وهو بعيد وهذا الذي قاله الرافعي هو الصواب وقد جزم القاضي حسين في تعليقه بأنه لو طاف على سطح المسجد صح وإن ارتفع عن محاذاة الكعبة قال كما يجوز أن يصلي على أبي قبيس مع ارتفاعه على الكعبة والله أعلم * واتفق أصحابنا على أنه لو وسع المسجد اتسع المطاف وصح الطواف في جميعه وهو اليوم أوسع مما كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم بزيادات كثيرة زيدت فيه فأول من راده عمر بن الخطاب رضي ا لله عنه اشترى دورا فزادها فيه واتخذ للمسجد جدارا قصيرا دون القامة وكان عمر أول من اتخذ له الجدار ثم وسعه عثمان واتخذ له الأروقة وهو أول من اتخذها ثم وسعه عبد الله بن الزبير في خلافته ثم وسعه الوليد بن عبد الملك ثم المنصور ثم المهدي وعليه استقر بناؤه إلى وقتنا هذا وقد أوضحت هذا مع نفائس تتعلق بالمسجد الحرام والكعبة في كتاب المناسك والله أعلم * قال المصنف رحمه الله *
(٣٩)