أحاط بهم العدو من الجوانب كلها فوجهان مشهوران حكاهما البندنيجي والماوردي وامام الحرمين والبغوي والمتولي وغيرهم وقيل هما قولان (أصحهما) جواز التحلل لعموم قوله تعالى (فان أحصرتم) (والثاني) لا إذ لا يحصل به امن والله أعلم * (فرع) هذا الذي ذكرناه هو فيما إذا صدوهم ولم يجدوا طريقا آخر (فاما) ان وجدوا طريقا غيره لا ضرر في سلوكها فإن كانت مثل طريقهم التي صدوا عنها لم يكن لهم التحلل لأنهم قادرون على الوصول فإن كان أطول من طريقهم قال صاحب الفروع والروياني وصاحب البيان وغيرهم إن لم يكن معهم نفقة تكفيهم لذلك الطريق فلهم التحلل * وإن كان معهم نفقة تكفيهم لطريقهم الاخر لم يجز لهم التحلل ولزمهم سلوك الطريق الاخر سواء علموا أنهم بسلوك هذا الطريق يفوتهم الحج أم لا لان سبب التحلل هو الحصر لا خوف الفوات ولهذا لو أحرم بالحج يوم عرفة وهو بالشام لم يجز له التحلل بسبب الفوات قال أصحابنا حتى لو أحصر بالشام في ذي الحجة ووجد طريقا آخر كما ذكرنا لزمه السير فيه ووصول الكعبة والتحلل بعمل عمرة قال أصحابنا فإذا سلك هذا الطريق كما أمرناه ففاته الحج بطول الطريق الثاني أو خشونته أو غيرهما مما يحصل الفوات بسببه فقولان مشهوران ذكرهما المصنف في الفصل الآتي والأصحاب (أصحهما) لا يلزمه القضاء بل يتحلل تحلل المحصر لأنه محصر ولعدم تقصيره (والثاني) يلزمه القضاء كما لو سلكه ابتداء ففاته بضلال في الطريق ونحوه * ولو استوى الطريقان من كل وجه وجب القضاء بلا خلاف لأنه فوات محض * ولو أحصر ولم يجد طريقا آخر الا في البحر قال أصحابنا ينبني على وجوب ركوب البحر للحج وقد سبق بيان الخلاف فيه وتفصيله في أوائل كتاب الحج فحيث قلنا يجب ركوبه يكون
(٢٩٦)