المشي إلى المسجد الحرام وسائر المساجد ومسجد المدينة والأقصى وأوضحنا أحكامها بفروعها وسبق أيضا بيان الخلاف فيمن نذر المشي إلى بيت الله ولم يقل الحرام ولا نواه ولكن اختار المصنف انعقاد النذر ولزوم الذهاب إلى المسجد الحرام بحج أو عمرة (والصحيح) الذي صححه جماهير الأصحاب في الطريقين انه لا ينعقد نذره ولا يلزمه شئ وكذا صححه المصنف في التنبيه كما صححه الجمهور فالمذهب انه لا ينعقد نذره ولا شي عليه * واختلفوا في هذا الخلاف هل هو وجهان أو قولان قالوا نقل المزني في المختصر انه يلزمه ونص الشافعي في الام انه لا ينعقد نذره ونص المختصر ظاهر لا صريح ونص الام لا لأنه قال في المختصر ان نذر ان يمشي إلى بيت الله لزمه وقال في الام إذا نذر ان يمشي إلى بيت الله ولا نية له فالاختيار ان يمشي إلى بيت الله الحرام ولا يجب عليه ذلك الا ان ينوى لان المساجد بيوت الله هذا نصه * قال ابن الصباغ ففي المسألة قولان لكنها مشهورة بالوجهين * وممن صرح بان الأصح انه لا ينعقد نذره المحاملي في كتبه والقاضي أبو الطيب في المجرد والجرجاني والرافعي وآخرون والله أعلم * * قال المصنف رحمه الله * (وان نذر ان يحج في هذه السنة نظرت فان تمكن من أدائه فلم يحج صار ذلك دينا في ذمته كما قلنا في حجة الاسلام وان لم يتمكن من أدائه في هذه السنة سقط عنه فان قدر بعد ذلك لم يجب لان النذر اختص بتلك السنة فلا يجب في سنة أخرى الا بنذر آخر والله أعلم) (الشرح) قال أصحابنا من نذر حجا مطلقا استحب مبادرته به في أول سني الامكان فان مات قبل الامكان فلا شئ عليه كحجة الاسلام وهذا لا خلاف فيه وان مات بعد الامكان وجب الاحجاج عنه من تركته (اما) إذا عين في نذره سنة فتتعين على الصحيح من الوجهين وبه قطع الجمهور فلو حج قبلها لم يجزه (والثاني) لا تتعين تلك السنة بل يجوز قبلها * ولو قال أحج في عامي هذا وهو على مسافة يمكن الحج منها في ذلك العام لزمه الوفاء به تفريعا على الصحيح فإن لم يفعل ذلك مع الامكان صار دينا في ذمته يقضيه بنفسه فان مات قبل قضائه وجب الاحجاج من تركته * وان لم يمكنه قال المتولي بأن كان مريضا وقت خروج الناس ولم يتمكن من الخروج معهم أو لم يجد رفقة وكان الطريق مخوفا لا يتأتى للآحاد سلوكه فلا قضاء عليه لان المنذور إنما هو حج في تلك السنة ولم يمكنه وكما لا تستقر حجة الاسلام والحالة هذه * ولو صده عدو أو سلطان بعد احرامه حتى مضي العام قال امام الحرمين أو امتنع عليه الاحرام لعدو فالمنصوص انه لا قضاء عليه وخرج ابن سريج قولا ضعيفا انه يجب وبه قال المزني كما لو قال لله علي صوم غد فأغمي عليه حتى مضى الغد فإنه يجب القضاء
(٤٩٤)