الأفضل أن يطوف ماشيا ولا يركب الا لعذر مرض أو نحوه أو كان ممن يحتاج الناس إلى ظهوره ليستفتى ويقتدى بفعله فان طاف راكبا بلا عذر جاز بلا كراهة لكنه خالف الأولى كذا قاله جمهور أصحابنا وكذا نقله الرافعي عن الأصحاب * وقال إمام الحرمين في القلب من إدخال البهيمة التي لا يؤمن تلويثها المسجد شئ فان أمكن الاستيثاق فذلك والا فادخالها المسجد مكروه * هذا كلام الرافعي وجزم جماعة من أصحابنا بكراهة الطواف راكبا من غير عذر منهم البندنيجي والماوردي في الحاوي والقاضي أبو الطيب والعبدري والمشهور الأول * قال البندنيجي وغيره والمرأة والرجل في الركوب سواء فيما ذكرناه * قال الماوردي وحكم طواف المحمول على أكتاف الرجال كالراكب فيما ذكرناه قال وإذا كان معذورا فطوافه محمولا أولى منه راكبا صيانة للمسجد من الدابة (قال) وركوب الإبل أيسر حالا من ركوب البغال والحمير * (فرع) قد ذكرنا مذهبنا في طواف الراكب ونقل الماوردي إجماع العلماء على أن طواف الماشي أولى من طواف الراكب فلو طاف راكبا لعذر أو غيره صح طوافه ولا دم عليه عندنا في الحالين وهذا هو الصحيح من مذهب أحمد وبه قال داود وابن المنذر * وقال مالك وأبو حنيفة ان طاف راكبا لعذر أجزأه ولا شئ عليه وان طاف راكبا لغير عذر فعليه دم قال أبو حنيفة وإن كان بمكة أعاد الطواف واحتجا بأنها عبادة تتعلق بالبيت فلا يجزئ فعلها على الراحلة كالصلاة * واحتج أصحابنا بالأحاديث السابقة قالوا (إنما طاف النبي صلى الله عليه وسلم راكبا لشكوى عرضت له) كذا رواه أبو داود في سننه باسناده عن ابن عباس (والجواب) أن الأحاديث الصحيحة الثابتة من رواية جابر وعائشة مصرحة بأن طوافه صلى الله عليه وسلم راكبا لم يكن لمرض بل كان ليراه الناس ويسألوه ولا يزاحموا عليه كما سبق ذكره (وأما) حديث ابن عباس هذا فضعيف لأنه من رواية يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف قال البيهقي وهذه الرواية تفرد به يزيد هذا (وأما) قياسهم على الصلاة ففاسد لان الصلاة لا تصح راكبا إذا كانت فريضة وقد سلموا صحة الطواف ولكن ادعوا وجوب الدم ولا دليل لهم في ذلك والله أعلم * (فرع) لو طاف زحفا مع قدرته على المشي فطوافه صحيح لكن يكره وممن صرح بصحته القاضي أبو الطيب في تعليقه في أثناء دلائل مسألة طواف الراكب فقال طوافه زحفا كطوافه ماشيا منتصبا لا فرق بينهما * قال المصنف رحمه الله *
(٢٧)