(والسنة ان يخطب الامام يوم النفر الأول وهو اليوم الأوسط من أيام التشريق وهي إحدى الخطب الأربع ويودع الحاج ويعلمهم جواز النفر (لان النبي صلى الله عليه وسلم خطب أوسط أيام التشريق) ولأنه يحتاج فيه إلى بيان من يجوز له النفر ومن لا يجوز ومن أراد أن ينفر مع النفر الأول فنفر في اليوم الثاني من أيام التشريق قبل غروب الشمس سقط عنه الرمي في اليوم الثالث ومن لم ينفر حتى غربت الشمس لزمه أن يقيم حتى يرمي في اليوم الثالث لقوله عز وجل (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه) فان نفر قبل الغروب ثم عاد زائرا أو ليأخذ شيئا نسيه لم يلزمه المبيت لأنه حصلت له الرخصة بالنفر فان بات لم يلزمه أن يرمي لأنه لم يلزمه المبيت فلا يلزمه الرمي) * (الشرح) حديث الخطبة أوسط أيام التشريق سبق بيانه في فصل خطبة اليوم السابع من ذي الحجة وذكرنا هناك الأحاديث الواردة في خطب الحج الأربع ووقتها وصفتها ومذاهب العلماء فيها وهذه الخطبة مستحبة عندنا ووقتها بعد صلاة الظهر في اليوم الثاني من أيام التشريق كما سبق * قال الماوردي فان أراد الامام أن ينفر النفر الأول وعجل الخطبة قبل الزوال لينفر بعد الزوال جاز قال وتسمى هذه خطبة الوداع * ويستحب لكل الحجاج حضورها والاغتسال لها ويودع الامام الحجاج ويعلمهم جواز النفر وما بعده من طواف الوداع وغيره ويحثهم على طاعة الله تعالى وعلى أن يختموا حجهم بالاستقامة والثبات على طاعة الله تعالى وأن يكونوا بعد الحج خيرا منه قبله وأن لا ينسوا ما عاهدوا الله عليه من خير والله أعلم * قال الشافعي والأصحاب يجوز النفر في اليوم الثاني من التشريق ويجوز في الثالث وهذا مجمع عليه لقوله تعالى (فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه) قالوا والتأخر إلى اليوم الثالث أفضل للأحاديث الصحيحة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر في اليوم الثالث) قال الماوردي وغيره والتأخر للامام آكد منه لغيره لأنه يقتدى به ولأنه يقيم الناس أو أكثرهم بإقامته فان تعجل جاز ولا فدية عليه كغيره من الناس والله أعلم * ثم من أراد النفر الأول نفر قبل غروب الشمس فإذا نفر قبل غروبها سقط عنه مبيت ليلة اليوم الثالث من أيام التشريق ورمي اليوم الثالث بلا خلاف ولا دم عليه في ذلك بلا خلاف * قال أصحابنا ولا يرمي في اليوم الثاني عن الثالث بل إن بقي معه شئ من الحصى طرحه في الأرض وان شاء أعطاه لمن لم يرم وأما ما يفعله الناس من دفنها فقال أصحابنا لا أصل له ولا يعرف فيه أثر والله أعلم * قال الشافعي والأصحاب ولو لم ينفر حتى غربت الشمس وهو بعد في منى لزمه المبيت بها تلك الليلة ورمى يومها * ولو رحل فغربت
(٢٤٩)